الجمعة، 30 ديسمبر 2011

العام الجديد


في كل عام ملايين البشر يترقبون بداية السنة الجديدة ليطلقوا العنان لاحلامهم وتطلعاتهم القديمة التي لم يكتب لها النجاح او الاكتمال في الاعوام السابقة، ولكن تبقى بعض من هذه الآمال معلقة اكثر من غيرها مع الكثيرين لتنتقل معهم من عام الى آخر، وتراهم كل عام يجددون عهدهم لانفسهم او ربما للآخرين بانهم هذا العام سيحاولون بكل جهدهم العمل على تحقيقها.

بعد الاسبوع الثالث من الشهر الاول يبدأ اكثرهم بالاستسلام او النسيان، فالمدخنون يعودون الى سجائرهم، ومدمني الكحول يعودون الى كؤوسهم، ومن يريد تعلم لغة او مهارة جديدة يتعلمون اساسيات البسيطة ليشعروا بعدها بالملل والاحباط ويتوقفون، والمصابون بالسمنة يعودن الى طعامهم الدسم ويتركون الرياضة.

ليأتي عام بعد الأخر، ويقع فيه هؤلاء في عدم اليقين من انهم يستطيعون فعل ما يطمحون اليه، ويستسلمون لما يسمونه ضعفا او قوى خارجية اقوى منهم، فالمدخنون بالنهاية يصابون بامراض التدخين المعروفة، ومدمني الكحول يتشمع كبدهم، والمتعلمون يقتنعون بضعف عقولهم، والمصابون بالسمنة  يبدؤون بتناول دواء السكري والقلب والضغط، ويكون قد فات الآون بالنسبة لهم.

ويعود سبب ذلك الى ضعف ثقافة العمل الدؤوب والمستمر في سبيل تحقيق الهدف، والاعتقاد بان المستوى الرفيع من الانجاز يأتي بمدة قصيرة او بمجرد التمني او حتى بما يسمونها الارداة القوية.

ان تقسيم الهدف الى عدة اهداف صغيرة على مراحل متعددة احدى اهم الطرق التي على الانسان ان يتعلمها وينفذها في سبيل تحقيق هدفه، وتنمية عادة تحقيق الاهداف، وهي كاي عادة كتدخين مثلا فالتدخين يبدأ بسيجارة او سيجارتين يوميا لتنتهي بك الحال بعلبة كاملة يوميا او اكثر، فتحقيق هدف واحد كفيل بان يجلعك تنطلق الى هدف اخر وهكذا حتى تعتاد النجاح في الوصول الى أهدافك.

بما ان اليوم هو الأخير في هذا العام، اغتنم الفرصة ولا تفعل مثل كل عام سبق، اجلب ورقة وقلم، اكتب ما تريد تحقيقه في العام القادم، اكتب ما لا يقل عن عشرة اهداف، حاول بعدها ان ترتب اهدافك بحسب اولويتها بالنسبة لك، بعدها خذ اول خمسة اهداف، وبدورها قسمها الى اهداف اصغر وضع اطارا زمنيا لكل هدف صغير لتنتهي باخر هدف يحقق اكتمال الهدف الرئيس، ارسم هذه الاهداف وجزئياتها مع توقيتاتها ولصقها على الحائط في مكان تراه دائما، ابدأ اليوم بتنفيذ مخططك، وربما بعد ذلك نسيت او توقفت لسبب ما في الاسبوع الثالث من الشهر الاول، لا تنتظر بداية العام القادم، فهو يوم مثل باقي الايام، لا تقع في هذا الخطأ، ابدأ دائما اليوم.

وكل عام وانتم بخير جميعا

الخميس، 17 نوفمبر 2011

ساعة تعذيب


وقف امام والده يرتعد من الخوف، لقد جلب نتائج اختباراته اليوم، كانت دون ما يصبوا الاب اليه، من سبع اختبارات حصل على علامة كاملة واحدة اما البقية فتتراوح بين الستة والتسعة، أطال الاب في قرأتها، اعاد قرأتها مرة ثانية، نظر الى ولده وعيونه تكاد تتطاير منها الدماء التي تجمعت بها وكأنه شخصية من شخصيات مصاصي الدماء.

- يا اين الكلب، ما هذه الدرجات المنحطة مثلك؟ ما هذا الهراء ايها الغبي؟

لم يستطع الولد رفع بصره بوجه ابيه، ظل مطرقا بالارض منتظرا ما قد يحدث له، فهو قد ذاق العذاب مرات عدة على يد ابيه، الذي يستخدم معه في مثل تلك المواقف اصناف من فنون الضرب العشوائي الذي يخلف على جسده بقعا زرقاء بمختلف درجات هذا اللون.

- أأكل القط لسانك ايها الكسول الفاشل؟ قل لي ما ينقصك لتأخذ العلامات الكاملة؟ أطعمك وألبسك وتأخذ مصروف يومي مثلك مثل غيرك من الاولاد لا بل افضل منهم، وتأتيني اليوم بهذه القاذورات، أجبني!

ظل الولد صامتا فصراخ ابيه اصم أذنيه وشتت تفكيره، انه يعلم انها مقدمة لحفلة تعذيب قد تستمر ربما لساعة او أكثر، أحس بشيء ساخن يسيل على رجليه ليصل لقدميه.

- إذا كنت تخاف من العقاب أيها الابله، فلماذا لا تدرس وتجتهد؟ لماذا؟ لماذا؟

بدأت الدموع من عيني الطفل تنساب على خديه بشكل لا إرادي، وصلت لشفتيه فاحس بملوحة طعمها، أنه ملوحة الموقف الذي هو فيه، الصفعة الاولى كانت سريعة مباغتة، الصفعة الثانية كانت اسرع اقوى واثقل، رفع يديه النحيلتين ليرد بهما ضربات ابيه، فكانت ركلة قوية من رجل ابيه جعلته يشعر وكأن الشلل اصاب قدمه.

- إثبت مكانك ولا تتحرك، هذا ما جنته يداك اليوم، قل يا ولد! هل ابن عمك يختلف عنك بشيء؟ لقد كانت علامته كلها كاملة، اما انت! ماذا اقول؟ اما انت فعلاماتك سوداء كيومك الاسود هذا.

بكاء الام اخذ يزداد من الغرفة المجاورة مع ازياد الضرب المبرح الذي يتلقاه ابنها، فهي لا تستطيع ان تتدخل، لانها تعلمت من مرات سابقة ان الضرب والاهانات قد تتحول لها، هي ضائعة ما بين خوفها على نفسها وخوفها على ولدها.

- اخرسي ايتها اللعينة! والا طالك عقابي ايضا، ايتها الام الفاشلة، هذا سبب دلالك وعدم درايتك وكسلك في تدريس هذا الولد العاق.

كتمت الام انفاسها، اخذت تناشد بقلبها الله وانبيائه وكل القديسين والاولياء لينتهي هذا اليوم على خير، لقد كانت محنتها هذه تتكرر مع كل نتائج امتحانات او نتيجة نهاية العام.

- انت ايها الصعلوك! لن اعيد هذه المسرحية دائما، في المرة القادمة ساقتلك واتخلص من عار بلاهتك، اريدك ان تدرس وتكرر دروسك مرة بعد مرة، اريدك ان تدرس بجد اكثر، لا اريدك ان تكون مثلي، اريدك تحمل شهادة جامعية، اريدك ان تصبح طبيبا، اريد رأسي ان يكون مرفوعا، ولن اسمح لك بان تضعه في الوحل.

هز الولد رأسه موافقا مستلسما يريد الخلاص من حفلة التعذيب هذه، واخذ يمسح بدموع ووجهه من العرق التي تصبب منه، لاحظ اللون الاحمر على ظهر يده، لا بد وانه الدم يجري من انفه.

- هذا ما تفلح به، هز الرأس، هيا اغرب عن وجهي، هيا الى دروسك.

بعد سنوات: الولد اصبح باحثا في الزراعة والهندسة الورائية في احد بلدان اوروبا الغربية، بعد ان سافر من بلده ولم يتكلم مع والده من حينها، وامه توافاها الله بعد صراع قصير مع مرض السرطان، وابن عمه لم يكمل دراسته الثانوية، وما زال هذا الولد يتحدث عن هذه الحادثة معي كلما زرته او زارني فلقد شهدتها من شرفة منزلنا المطل على منزله.

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

البحث عن النجاح


النجاح والبحث عن النجاح يختلف من الانسان للأخر بالمفهوم والتطبيق والتقييم، فالنجاح كمفهوم قد يكون الحصول على مقدار معين من المال او الوصول الى منصب معين وقد يكون مجرد الحصول على الرزق اليومي لافراد العائلة، قد يكون عن طريق العمل القويم المتواصل او ببساطة عن طريق الخداع عن البعض اذا لزم الامر، وقد يكون النجاح في مجال معين لبعض الناس لا يعني باي حال من الاحوال نجاحا للبعض الاخر.

في ظل سعي الانسان لنمذجة ما حوله تكثر الدراسات والنظريات عن النجاح وعوامله والطرق الواجب اتباعها للوصول اليه، ففي القديم قيل: " من زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل"، واليوم نقرأ ونسمع من هنا وهناك عن وصفات للنجاح وعن استراتيجيات يدعي اصحابها انها السبيل للنجاح، و كل موسم يطالعنا بموضة جديدة في مجال التنمية البشرية هذا المفهوم الذي يغزو المجلات والجرائد والقنوات التلفزيونية ومواقع الانترنت المختلفة، فإذا نظرنا الى آخر 30 سنة سنجد الكثير من النظريات والطرق التي تتحدث عن النجاح والوصول اليه، وكل طريقة من هذه الطرق قد تترك الانسان حائرا مرتبكا او في كثير من الاحيان غير مصدقا.

من هذه الاستراتيجات التي تابعتها وقرأت الكثير عنها: قاعدة 80/20، السر، نظرية 10000 ساعة، الكايزين، ولكل منها مريدوها، مؤيدوها وبالطبع معارضوها.

- قاعدة 80/20: وتقول ان 80 بالمئة من الاحداث يسببها 20بالمئة من الاسباب، ومؤيدوها يحاولون القياس بها على ظواهر عديدة، ففي الاقتصاد يقال ان 80 بالمئة من ثروة اي بلد في يد 20 بالمئة من السكان تقريبا، والشركات يمثل 80 بالمئة من دخلها ما يدفعه 20 بالمئة من زبائنها، وفي التنمية البشرية 80 بالمئة من دخل الانسان يأتي من 20 بالمئة فقط من جهده وينصحون من يريد زيادة دخله بزيادة جهده مثلا.

- السر: وهو فلم وثائقي يشرح ان الانسان هو بامكانه جذب الفشل او النجاح لحياته عن طريق افكاره بحسب ما يدعى قانون الجذب، فاذا فكرت بامر ما وكررت التفكير به فهناك احتمال كبير بان يحصل لك، كأن تفكر كثيرا بمرض ما فتصاب به في النهاية، او تفكر بسيارة تريد ان تقتنيها وتكررما تريدفالاحتمال كبير بان تحصل عليها.

- نظرية 10000 ساعة: وتستند هذه النظرية على دراسة قام بها الطبيب النفسي السويدي على عدد من الرياضيين والعازفين واخرين يعتبرون قمة في الاداء في مجالاتهم، وساعد في انتشار هذه الدراسة ورفها الى درجة نظرية كتاب "المتميزون: قصة النجاح" للكاتب الامريكي مالكولم جلادويل، وملخصها : "اذا اردت اتقان اي شيء لدرجة تصبح فيها خبيرا في هذا الشيء فعليك ان تتدرب على الاقل 10000 ساعة" وبمعنى اخر 10 اعوام اذا تدربت لمدة ثلاث ساعات يوميا.

- الكايزين: كلمة يابانية وتعني التحسن المستمر، وهي مجموعة مبادئ وافكار تساعد على اشراك الموظفين من ادنى السلم الوظيفي الى اعلاه في اضافة تحسين ما صغير كل يوم لتتحقق المهام او المشاريع الكبر في نهاية الامر وتحسين الظروف المحيطة به قليلا للوصول الى بيئة المثالية للانتاج، لا يقتصر تطبيق الكايزن على العمل بل ايضا على الانسان نفسه الذي يسعى الى هدف معين وذلك عن طريق الخطوات الصغيرة والتحسينات المستمرة للوصول الى هذا الهدف، حتى ان هناك نكة في اليابان تقول: "اذا لم ترى صديقا لك منذ ثلاث ايام متتالية ورايته صدفة فابحث عن ما تغيير به" وطبعا قصدهم الى الافضل.

وهكذا نرى ان النجاح والوصول الى هدف ما لا يخضع الى وصفة سحرية ثابتة، فالنجاح قد يتطلب منا سنين طويلة من العمل الشاق مع التحسين المستمر على استراتيجياتنا والكثير من الافكار الايجابية وتكرارها والبحث عن مفاتيح القوة التي ستساندنا في طريقنا، فماذا تريد(ما هدفك)؟ وكم من الوقت ستمنح لهذا الهدف؟ وهل انت مؤمن به وبما ستفعله من اجله؟ اذا هيا إبدأ فرحلة الآلف ميل تبدأ بخطوة ولتكن من اؤلئك الـ 20 بالمئة من البشر الذين يحققون احلامهم واهدافهم ويسمون أنفسهم ويدعونهم الآخرون الناجحين.

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

هذيان الاسبوع -1-

- وفاة سيتف جوبز: أحزنني كما أحزن الكثيرين حول العالم فقدان شخص مثله مفعم بالابداع والنشاط والحيوية، رغم اني لا استخدم ايا من منتجات شركة آبل، فجوالي من نوكيا و كمبيوتري المحمول من سيمينز ومشغل الـ ام بي 3 الخاص بي من سامسونغ، والسبب الرئيس في ذلك هو انني فقير ولا أقوى على شراء تلك المنتجات، وعلى هامش وفاته اشتعلت معركة فقهية بين من يقولون انه لا يجوز الترحم على غير المسلمين وفريق يقولون انه يجوز لان رحمة الله وسعت كل شيء، باختصار لقد فقدنا شخص اغنى البشرية بابتكارات رعاها لتصبح جزء من حياة الكثيرين.

(موسى - تعرف بستيف - سوف يطور آلواحك)

- اغتيال مشعل التمو: جاء خبر اغتياله كصاعقة على معظم السوريين كون ان وقت هذا الحدث هو بعد ايام من الاعلان عن المجلس الوطني السوري، وكونه وحشيا بكل معنى الكلمة وفي يوم جمعة تسمى المجلس الوطني يمثلني (ولي شرف ان اكون اول من دعى الى تسميتها بهذا الاسم حرفيا بعد اعلان هذا المجلس بخمس دقائق فقط على حسابي في تويتر)، بالرغم من المعطيات الفقيرة عن الاغتيال ومن قام بالاغتيال، فرضت علينا تجاربنا وقناعاتنا بان النظام السوري بدء رحلة اغتيال قيادات المجلس الوطني تماما مثل ما اغتال بعض من قيادات اللبنانية المناهضة للوجود السوري في لبنان، نفس الاسلوب ونفس الادوات ونفس التفكير دائما ما تدل على المجرم في العلوم البحث الجنائي، فنرجوا من السادة المحترمين في المجلس الوطني السوري اخذ الاحتياطات الضرورية.

- ازمة الديون اليونانية: شهدنا الاسبوع الماضي وما قبله هبوط سعر اونصة الذهب بنسبة 7 بالمئة تقريبا، وهبط اليورو مقابل الدولار الى اقل من السعر المسجل منذ 8 أشهر، وخلاصة القول ان ازمة الديون هذه ليست مقتصرة على اليونان وحدها فهناك تهديد ايضا من ديون ايسلاند والبرتغال واسبانيا حتى بعض اقتصاديات اوروبا القوية كايطاليا وحتى فرنسا، طبعا اخوتنا من مناصري الصيرفة الاسلامية علقوا السبب على الربا كالعادة، ام اصدقائنا من المحللين الماليين في اوروبا وامريكا فعزوا السبب الى ان الاتحاد الاوربي لم يصل بعد على التناغم والانسجام ما بين دوله من ناحية السياسة المالية مما عقد عملية انقاذ ما يمكن انقاذه من هذه الاقتصاديات عبر قروض ومساعدات من صندوق الانقاذ او عبر البنك المركزي الاوروبي.

- مجزرة ماسبيرو: مشاعر من الصدمة والحزن والغضب تلبستني عندما شاهدت الصور القادمة من القاهرة للنزاع الذي نشب بين الجيش المصري ومتظاهرين مصريين يطالبون بحقوقهم الدينية التي يتلاعب بها على مدار سنين طويلة وسقوط ضحايا نرجوا لهم الرحمة والمغفرة، وما اغضبني اكثر هو كلام الرعاع من الطرف الاخر والتهييج ضد هؤلاء المتظاهرين وتكفيرهم وتهديدهم بحياتهم وبرزقهم، باختصار بعد سقوط طاغية مصر على احرار مصر اسقاط طواغيت مصر الكثيرين.

- قناة نسمة وكلية الآداب: عدة أشخاص من الغاضبين قرروا الانتقام من عميد كلية رفض تسجيل طالبة منقبة، فما كان منهم الا الانقضاض على الكلية بغزوة مباركة، واذا افترضنا ان ادارة الكلية تحت ضغط هؤلاء استجابت وسجلت الطالبة، ماذا سيكون ردهم اذا ما فرض على الطالبة كفرض دراسي ان تقرأ وتلخص رواية تحتوي على مقاطع والفاظ جنسية مثلا؟ ربما سيكون جزاء الكلية الحرق. وطبعا مثل قناة نسمة التي عرضت فلما كرتونيا عن الاضطهاد الديني في ايران التي فوجئ من فيها بالمجاهدين يغزونها ويحاولون حرقها بدعوا ان الفلم مس بالذات الإلهية وبالاسلام، في كلتا الحاليتن تم تناسي القضاء تماما وكان الذراع هو المحكم الرئيسي في القضيتين.

- اعتراف المجلس الانتقالي الليبي بالمجلس الوطني السوري: قرأت في صغري حديثا قدسيا ما زال يرن في اذني كل يوم تقريبا: "مكتوب في الانجيل كما تدين تدان، وبالكيل التي تكيل تكتال"


والي اللقاء في هذيان آخر في اسبوع آخر

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

انسان معاصر

وقف في الشارع وحيدا، عقله عاجز عن التفكير، وخياله اضحى صحراء قاحلة، اخرج سيجارته الاخيرة في علبة السجائر، اشعلها ومع كل قبلة لتلك السيجارة كان هناك زئيرا عظيما مكبوتا في الحشايا.

- الى أين سأذهب؟ ماذا سافعل؟

فجأة هاجمته الافكار، التخيلات، والاعباء التي تثقل كاهله، صور من طفولته ومراهقته ومرحلة دراسته الجامعية وحالته الحالية في العمل والبيت، كلها دفعة واحدة بآلامها وأحزانها.

- لماذا حدث كل هذا معي؟ متى ستنتهي وحدتي؟

مرت دقائق طويلة مستغرقا في التفكير، لم يتنبه الى طول هذه الدقائق الا عندما انتهت تلك السيجارة اليتيمة رمادا تتناثره الرياح.

- الى متى وانا اعيش الخوف والرعب في حياتي؟

راح يفكر بمديره المتنمر في العمل وكيف هدده اليوم بالفصل بعد ان وظفوا ذلك الشاب الجديد ذو الراتب المنخفض والذي يتمتع بالطاقة والحيوية التي فقدها هو على مر السنين الطويلة ويحمل شهادة جامعية اعلى من شهادته الجامعية واكثر تخصصا.

- كان علي ان اعمل على تطوير نفسي، ولكن كيف كنت سأحصل على وقت لذلك؟

سمع صوت زوجته وهو يهدر كلعادة في رأسه ويردد نفس الشكاوى والتجريح، تقرعه على عدم ترقيته في وظيفته وراتبه الشهري منذ اعوام طويلة، عن الاولاد المحتاجين للباس والغذاء والترفيه.

- لم يقل لي احد كلمة شكرا منذ زمن بعيد رغم اني عملت على مدار خمسة عشرة عاما كساعة.

راجع شريط حياته فلم يجد فيه الا الاستيقاظ في السادسة صباحا ليلحق بعمله ومكالمات الهاتف التي لا تنتهي من العملاء وطلباتهم السخيفة والتنمر والاستئساد من المدراء الذين كانوا فوقه على مر هذه السنين، والعودة الى بيت عند السادسة مساء ليقابل بجبل من عدم الشكر وطلبات العائلة التي لا تنتهي لينام وهو خائف من الاستيقاظ مجددا.

- كم اتمنى ان تنتهي حياتي، ربما وجدت قليلا من الراحة في قبري.

فجأة اخذ يبكي كطفل صغير، اخذ يشهق مع كل دمعة، يحاول مع كل زفرة استجماع ما تبقى من انسانيه.

- لقد اكتفيت، ولكن ما علي فعله؟

لحظات من الصمت.

- آه، لقد تأخرت على البيت، لقد اشتقت لابتسامة اولادي.

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2011

ستة أشهر وبعد

مقالة نشرت في العدد الخامس من جريدة حريات بتاريخ 19 ايلول 2011، تستطيعون مشاهدتها على الرابط:

 http://www.syrian-hurriyat.com/issues/Hurriyat_issue5.pdf

وارحب باي ملاحظة عنها، وتستطيعون قراءة الاعداد القديمة او الجديدة من جريدة حريات بالطبع على الروابط التالية:

العدد الاول: http://www.syrian-hurriyat.com/issues/Hurriyat_issue1.pdf
العدد الثاني: http://www.syrian-hurriyat.com/issues/Hurriyat_issue2.pdf
العدد الثالث: http://www.syrian-hurriyat.com/issues/Hurriyat_issue3.pdf
العدد الرابع: http://www.syrian-hurriyat.com/issues/Hurriyat_issue4.pdf
العدد السادس: http://www.syrian-hurriyat.com/issues/Hurriyat_issue6.pdf

ووقتا ممتعا...

الاثنين، 5 سبتمبر 2011

الثورة السورية وأزماتها الثلاث


اقتربنا من نهاية الشهر السادس من عمر الثورة السورية، ازدادت المظاهرات والاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية وازداد الاجرام الممنهج ضد المتظاهرين والناشطين، وحسب المصادر الحقوقية أكثر من 3000 شهيد ضحوا بحياتهم في سبيل الحرية واضعاف هذا العدد جرحى واكثر من 50 الف معتقل، بعد كل هذه التضحيات والوقت الطويل علينا ان نعرف ما لنا وما علينا ودراسة جميع المعطيات المتوفرة لنقيم هذه التجربة الغنية في تاريخ السوريين في سبيل دفعها للامام وتحقيق امانينا بالعدالة والمساواة في سورية.

برأيي فإن الثورة السورية تمر بثلاث أزمات وهي: أزمة هدف، أزمة ثقة، أزمة قيادة وهذه الازمات متقاطع فيما بينها على الرغم من ان الواحدة تؤدي للاخرى بشكل او بأخر.

تطور هدف الثورة السورية من الاصلاح والحرية الى الشعب يريد اسقاط النظام بسبب عنجهية النظام السوري ورده الدموي على مطالب الشعب، هذا الهدف الذي اجتمع حوله الشعب السوري تبنته معظم اطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج وتمركزت حوله، ولكن ما لم تتمركز حوله هو ما بعد اسقاط النظام، فالهدف هنا غير كامل وينقصه الحل المفترض بعد اسقاط النظام، فاطياف المعارضة ومن بعدهم الشعب الثائر منقسم حول البديل، فبعض الاسلاميين يريدونها اسلامية خالصة والبعض الاخر منهم يريدونها مدنية على اساس اسلامي وهناك اليساريين بأطيافهم منهم من يريدها علمانية خالصة او لبيرالية ومنهم من يريدها ما بين وبين.

غياب الهدف بعد اسقاط النظام ادى بشكل او بأخر لأزمة ثقة، وهي بين المعارضين انفسهم من جهة والمعارضين والمتظاهرين من جهة أخرى مما انعكس على الفئة الصامتة والمؤيدة التي تراجع بشكل ملحوظ أعداد من يصبحون أنصارا للثورة السورية من صفوفهم.

وأزمة الثقة هذه جعلت من الصعب الالتفاف حول قيادة وطنية شريفة ينتقل بالمعارضة الشعبية الحالية الى معارضة ذات معنى سياسي واضح ويكون ممثلا للشعب السوري في هذه المرحلة من تاريخه، فالهدف غير واضح وهناك صراع أيديولوجي بين اطياف العارضة وهناك تشكيك من بعض الاطياف السورية بهذه المعارضة مما ينعكس صعوبات جمة للتجمع حول شخص واحد يكون القائد لهم جميعا.

هذه الازمات الثلاثة تجعل الثورة السورية اليوم على مفترق طرق، وللتقدم الى الامام علينا ان نسعى الى الاتفاق قبل اي اختيار اي قيادة كانت على صياغة هدف واضح لما بعد سقوط النظام السوري يكون مقبولا من السوريين جميعا ولا وجود لهكذا هدف الا الدولة المدنية العلمانية اللبيرالية التي تضمن للاسلاميين واليساريين وجودا كاملا عبر سد الطريق امام ما يسمى ديكتاتورية الاغلبية التي يخاف منها الجميع، وبذلك تتكون الثقة التي تدفع من لم يقتنع بالثورة السورية بتأيدها، ويمهد الطريق امام اي شخصية اعتبارية مهما كان خلفيتها قيادة المرحلة المقبلة.

السبت، 27 أغسطس 2011

التدخل العسكري في سورية


بعد النجاحات التي حققتها الثورة الليبية في طرابلس وما حولها وباقي مناطق ليبيا وازدياد القمع والاجرام من جانب النظام السوري تجاه المتظاهرين والناشطين السوريين، تعالت الاصوات في سورية المطالبة بحماية المدنيين على غرار ما حصل في ليبيا، وهذا ما أثار الجدل بين اطياف المعارضة السورية من جهة وبين المعارضة والمؤيدين للنظام السوري والنظام السوري نفسه.

وهناك الكثير من العوامل الخارجية والعوامل الداخلية التي تجعل هكذا طلب او تدخل عسكري لحماية المدنيين بعيد التحقق، رغم انه احتمال قائم.

فمن اهم العوامل الخارجية هو حساسية الوضع في سورية من ناحية ارتباط نظامها بالنظام الايراني وبعض القوى الاقليمية التي قد تعمل لصالح نظام الاسد في زعزعة الاستقرار الهش في المنطقة باضافة الى الدعم الروسي والصيني.

 ومن العوامل الخارجية الهامة صعوبة تدخل الناتو في سورية على عكس ليبيا وذلك بسبب التضاريس الصعبة في المنطقة الساحلية والجبال المطلة عليها وسهل الغاب الذي يعتبر من معاقل المؤيدين الرئيسيين للنظام والحاجز الطبيعي الذي سيواجه طائراته قبل الوصل الى العمق السوري انطلاقا من حاملات الطائرات في البحر المتوسط فعمليات الدعم والانقاذ والبحث لن تكون بالسهولة التي كانت في ليبيا ذات الطبيعة السهلية مما سيزيد من تكلفة العمليات الجوية فوق تلك المناطق وازدياد الاعتماد على القواعد المحيطة بسورية وعلى القواعد المؤقتة التي قد ينشأها في البلدان المجاورة التي قد لا تقبل بذلك او ان لا تكون مقبولة من شعب المنطقة كاسرائيل.

ومن العوامل الخارجية هو مصدر تمويل العمليات العسكرية، فسورية ليس ليبيا من ناحية الثروة النفطية، فالانتاج اليومي من النفط السوري لا يتجاوز ربع ما كانت تنتجه ليبيا قبل ثورتها باضافة الى طبيعة النفط السوري الثقيل الملكف التكرير بعكس النفط الليبي الخفيف، بالاضافة الى اموال سورية في بنوك اوروبا وامريكا التي لا تقارن باموال ليبيا المجمدة هناك.

والعوامل الداخلية كثيرة وهامة نذكر منها: رفض طيف واسع من الشعب السوري و الشعوب العربية والصديقة المحيطة بسورية التدخل الغربي العسكري المباشر بها بسبب عدم الثقة المتأصلة في وجدان الشعب العربية والمسلمة عامة والسوري خاصة بالغرب نتيجة دعمه اللانهائي للكيان الصهيوني ضد اخوانهم الفلسطينيين، والتخوف من ان هكذا تدخل ربما سيؤدي الى تفيت سورية الى دويلات متعددة وعلى رأسهم منطقة الساحل السوري بجبالها لتكون دولة ذات صبغة طائفية معينة مما يعني حرمان باقي سورية من الواجهة البحرية على المتوسط باضافة طبعا الى التكلفة البشرية العالية التي سيخلفها هكذا تدخل عسكري.

ومن العوامل الداخلية هو التزام الجانب السلمي بشكل شبه كامل من قبل المتظاهرين والسياسيين والمعارضين في سورية ولن يكون هناك فريق يقاتل على الارض كما حصل في ليبيا في سبيل اسقاط النظام عسكريا فمن المعلوم ان الضربات الجوية او الحصار الجوي لن يسقط  النظام ابدا ولنا في التجربة العراقية مثال جيد على ذلك في مرحلة حرب الخليج الاولى والثانية.

مع مرور الوقت وسقوط المزيد من الشهداء في سورية يزداد الحاجة الى حماية المدنيين والمتظاهرين والنشطاء والسياسيين المعارضين، ومع ضعف احتمالية التدخل العسكري على غرار ليبيا يبدو ان هناك حل وحيدا في الوقت الحالي وهو الضغط لاصدار قرار من مجلس الامن لارسال مراقبين مدنيين دوليين الى سورية للوقوف على صدقية النظام السوري الذي مازال يكذب اخبار عملياته العسكرية ضد المدنيين للوقوف على الحقيقة ومراقبة سلوكه الذي يدعي انه ليس كما ينقل من قبل النشطاء السوريين.

ان هكذا قرار سيكون قرارا وسطا فيساهم في حماية المدنيين ويوقف خطر التدخل  العسكري المكلف ماديا وانسانيا، وادعوا كل من اقتنع بهذا الرأي العمل عبر التنسيقيات والنشطاء لنشر هذه الفكرة كمطلب جماهيري في الوقت الحالي وانتظار ردة فعل النظام السوري تجاه هذا المطلب، فإذا لم يستجب وتمنع عن ذلك فيكون قد كتب صفحة جديدة من الثورة السورية التي لن تتراجع الا عن تحقيق مطالبها باي طريقة كانت.

[ارجو كتابة  التعليقات هنا على المدونة لمناقشة هذه الفكرة وشكرا لكم]

الجمعة، 26 أغسطس 2011

خربشات بسبب اليابان


بعدما تراجعت شعبيته إلى حد كبير في أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب بلاده قبل أكثر من خمسة شهور، قدم رئيس الحكومة اليابانية، ناوتو كان، استقالته من منصبه الجمعة، دون أن ينتظر إلى الثلاثاء المقبل، وهو الموعد الذي أعلنه في السابق، لتقديم استقالة جماعية لحكومته.

رئيس الوزراء الياباني لم يلقي ما حدث في اليابان من زلزال مدمر وما تبعه من موجة مد عملاقة تسونامي وتعطل للمفاعلات النووية والتسرب الاشعاعي الى مؤامرة خارجية، لم يناور سياسيا ويتهم المعارضة اليابانية بانها استغلت الاحداث لتقضي على مستقبله السياسي، بل على العكس احترم ارادة الشعب الياباني وفهم من دراسات الاستطلاع ان اليابانيين لم يعد يثقون به ولم يعد يريدونه لقيادة المرحلة القادمة، رغم ان ما حدث من وجه نظري خارج عن ارادته، فلقد كانت في النهاية ارادة السماء.

اليابان الدولة التي تعلمت من الغرب بعد الحرب العالمية الثانية، تعلمت الديمقراطية اللبيرالية وتعلمت حقوق الانسان ومضت في ركب الدول المتقدمة حقوقيا، وتعلمت اهم مبدأ في العمل والادارة وهو مبدأ الكايزن.

وعلى النقيض ما زلنا نحن العرب خاصة والمسلمون عامة ننظر الى الغرب على انه الغرب الكافر الذي يريد بعلمانيته ولبيراليته القضاء على مجتمعنا وعلى تراثنا، الغرب له سلبياته ولكن له ايجابياته التي هي اكثر من ان تحصى، ولكن اذا رجعنا الى تجربة اليابان نجد ان اليابانيين لم يتخلوا عن مبادئهم وعن تراثهم وعن بوذيتهم، بل اضافوا الى تراثهم الحضاري التجربة الغربية فامتزجت لتصبح انموذجا يتغنى به الكثيرين.

احيانا اتسأل هل العيب هو من حكوماتنا؟ ام العيب هو من التكوين الفكري لشعوبنا؟ وبحقيقة الامر ان السبب هو الطرفين، فكثير من حكومات الشرق الاوسط التي وصلت للحكم اما عن طريق انقلابات او عن طريق تدخلات خارجية لم تسطع الى الآن صياغة مشروع حضاري وطني واحد، وكذلك الشعوب لم تستطع ان تخرج من التراث التاريخي الذي اثقل كاهل بلداننا.

بعد نصف قرن من خروج بلدان الشرق الاوسط من تحت مظلة الاستعمار، نحن عاجزون عن ان نتقدم في ركب الحضارة الانسانية كليابان مثلا، وما زلنا نعيش في الدوامات الفكرية المختلفة التي لم نتفق بعد على فلسفة معينة نعيش بها بعد الاستقلال وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي في وقت لاحق، فالانقسام واضح ما بين قوى دينية لها نفوذها وعدائها للغرب، وبين العلمانيين والليبيراليين ذوي النفوذ الضعيف الذين لم يستطيعوا الى الآن نشر او الترويج لافكارهم.

من خلال ما تقدم نجد ان امام شعوب المنطقة تحديات كثيرة للخروج من الحالة التي يرزح الشرق الاوسط تحتها، وكانت تجربة الثورة التونسية والمصرية والليبية غنية في دفع المنطقة في الاتجاه الصحيح، وايضا لا ننسى الثورة اليمنية والسورية، ولكنها تبقى ناقصة اذا لم تجلب نهضة فكرية عميقة تدرس الايجابيات التي توجد في دول العالم المتقدمة وتطبقها للانطلاق في هذا العالم لنكون في طليعة الدول التي تسعى الى بناء الانسان والانسانية.

الأحد، 7 أغسطس 2011

رمضان الأحمر ام الحرية


قبل يوم من بداية رمضان اغار الجيش السوري على اطراف مدينة حماة وفي الايام التالية اقتحمها، هدم المباني، شرد العائلات، اصاب العشرات بجراح مختلفة وطبعا اغتال اكثر من 300 شهيد بذخيرته الحية العشوائية.

إعتقدنا ان دخول حماة سيجعل العالم يقف على قدم واحدة، لم يكن رد الفعل الدولي والعربي انسانيا بالمرة، فمجلس الامن ادان ببيان رئاسي لا يرقى قانونيا الى مستوى القرار، والامريكان حتى الآن موقفهم غريب جدا رغم اداناتهم المتكررة واخرها الذي دفعت دول الخليج مجتمعة لاصدار بيان يعربون فيها عن حزنهم لاراقة الدم السوري، وروسيا التي على لسان رئيسها دعت الاسد على الاصلاح او ملاقاة مصير حزين والتركي اصبح خجولا بعدما كان سريعا ومباشرا وشجاعا.

لم يقلها احد علانية وصراحة، لم يدعم الشعب السوري احد، بل كانت كل تصريحاتهم وبياناتهم موجهة للنظام، والنظام لا يبالي وكأننا نقف امام اسرائيل التي تنكل بالشعب الفلسطينين منذ ستون عاما وذلك باستبدال اسرائيل بالنظام السوري والشعب السوري بالشعب الفلسطيني، هناك مهادنة عجيبة وغريبة، هذه المهادنة التي لا تدع مجالا للشك ان النظام السوري هو الطفل الثاني المدلل بعد اسرائيل للدول الغربية.

وحده الشعب العربي والمسلم والحر في العالم هو من يقف بجانب الشعب السوري، ونحن نثمن موقف الشعوب العربية وعلى رأسها الشعب الكويتي الذي دل على تفوق ديمقراطيته في المنطقة وشجاعتها.

اليوم وفقط اليوم استيقظنا على دخول الدبابات والمدرعات الجيش اللاوطني في سورية مدينة دير الزور، المدينة التي رفضت الذل كأخواتها اللواتي سبقتها وعلى رأسهن مدينة درعا، عشرات الاصابات واخبار عن سقوط شهداء ونشر المتاريس والحواجز لعرقلة تقدم قوات الذل والهوان.

ماذا يريد الاسد واخوه؟ ماذا تريد العصابة الحاكمة بامر الشيطان؟ انه رمضان ولا حرمة له عند هؤلاء المجرمين، يريدوه رمضان الاحمر والشعب السوري يريده رمضان الحرية والكرامة.

الأربعاء، 3 أغسطس 2011

الكيان الصهيوني وحظ مندسيه


شارك عشرات الآلاف من الاسرائيليين في تظاهرات كبيرة مساء السبت الماضي للاحتجاج على ارتفاع تكاليف الحياة ومطالبين رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو باجراء اصلاحات اقتصادية جذرية، الشرطة الاسرائيلية قدرت عدد المتظاهرين بأكثر من مثة ألف توزعوا على عشر مدن مختلفة، اطلقوا خلالها شعارات مثل: "الناس قبل الربح"، و"نقتل انفسنا لنعيش" و"نعمل في 3 وظائف ولا نستطيع تأمين شروط العيش" و"هذا هو الربيع الاسرائيلي".

في تلك الامسية لم تطلق رصاصة واحدة على المحتجين، ولم تمنع وسائل الاعلام من تغطيتها، لم يكن هناك اي صدامات مع جيش الدفاع الاسرائيلي او حتى الشرطة، ونتنياهو سارع الى تخفيض سعر المحروقات وفرض سقفا على سعرها ووعد بخفض الضرائب الغير مباشرة، وقال صراحة لا توجد حلول سريعة للمشاكل المعقدة التي دفعت بالناس الى التظاهر، ولكن قادة المظاهرات اعلنوها صراحة ان هذه الاجراءات غير كافية وغير ملائمة، ومرة أخرى لم ترسل الدبابات الى المدن التي انتشرت بها تلك الاحتجاجات.

بالمقارنة مع الوضع السوري القائم من جهة النظام اللاشرعي الغير ديمقراطي نرى مشهد سوداويا ملطخا بالدماء، فرصاص قوات الامن السوري والجيش ودباباته على مدار خمسة اشهر وهي تقنص ارواح السوريين وتخلف المآسي، والاعلام السوري ورديفته قناة الدنيا لا يتوقفان عن بث الشائعات وبث الاكاذيب والتسبيح والتحميد بحق المجرم القاتل بشار الاسد وصبيانه، وحتى عندما خفض بشار الاسد سعر ليتر المازوت 5 ليرات وزاد رواتب الموظفين الحكوميين ولم يعجب هذا السوريين الاحرار لانهم يريدون اكثر من فتات يرمى اليهم، رد على اعتراضهم بالذخيرة الحية واستشهد من استشهد وجرح من جرح.

الاسرائيليون مجرمون نعم، هم يقتلون اخوتنا الفلسطينيين ويشردونهم ويصادرون اراضيهم ويحاصرونهم، هم يحتلون فلسطين، هم يحتلون الجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية، وهم الآن يحاولون سرقة النفط والغاز اللبناني من قاع البحر المتوسط، ولكن ما نراه من معاملة لمواطنيهم اليهود يجعلنا نتسأل: لماذا العرب بشكل عام والسوريون بشكل خاص يعاملون كالجراثيم او الجرذان؟ هل اليهود فعلا كما يقول توراتهم هم البشر ونحن خلقنا على هيئة البشر لخدمتهم كونهم شعب الله المختار؟ هل الاسرائيلي عنده رحمة وشفقة على اخيه الاسرائيلي اكثر من السوري على اخيه السوري؟ هل يا ترى تمتعهم بحرية ونظام ديمقراطي السبب الحقيقي في انتصارهم علينا على مدى ستين عاما واكثر؟

لن ينتصر المسلمون او العرب او السوريون او اية شعب واقع تحت نظام شمولي بوليسي على اي عدو اذا ما بقوا على وحشيتهم تجاه اخوتهم، لن يتقدموا في الركب البشري ما دام روح اخوتهم ليست غالية عليهم، وما دامت لغة الدم ولغة الحقد ولغة الاجرام هي التي تسيطر عليهم وعلى علاقتهم بالاخر ان كان شقيقا او جارا، والدليل كما سبق واوردته مئة الف اسرائيلي يخرجون بمظاهرة فلا يجرح انسان، ومنذ اكثر من خمسة اشهر يسقط يوميا بمعدل 13 شهيد في سورية من المتظاهرين السلميين.

لا نستطيع ان نقول الا اننا نحسدكم ايها الاسرائليون، فانتم مؤيدين ومعارضين وحتى مندسين محظوظين جدا.

الاثنين، 1 أغسطس 2011

خطاب الاسد الجديد ... مسخرة


أكثر من مئة شهيد وأضعاف هذا العدد جرحى هو نتيجة الهجمة البربرية الوحشية على مدينتنا الحبيبة حماة، تلك المدينة الابية التي لا تقبل الا الوقوف بجانب الحق والمظلومين والتحرر، تلك المدينة التي انجبت الكثير من الادباء والمفكرين والسياسيين عبر تاريخها المجيد، تأبى ان تسمح للغوغائيين في سورية بايقاف مسيرتها في الحضارة البشرية.

ولأن حماة في قلب كل سوري على اختلاف انتمائاتهم وعرقياتهم فقد ارتكب النظام أغبى فكرة بدخوله المدينة بطريقة هتلرية جعلت معظم عواصم العالم ما عدا العواصم العربية طبعا تستنكر فعلته تلك، ولأن الغباء هو السمة الرئيسية في عقل القائمين على هذا النظام الفاشل خرج علينا بشار الاسد بخطاب بنفس الرتم التي يعزف عليه كلامته في مجلة جيش الشعب.

قال الأسد بمناسبة الذكرى الـ66 لتأسيس الجيش العربي السوري "إننا على يقين تام بأن تمسكنا بثوابتنا الوطنية والقومية يزيد حقد الأعداء علينا.. لكننا في الوقت ذاته على ثقة مطلقة بأننا قادرون بوعي شعبنا وبوحدتنا الوطنية أن نسقط هذا الفصل الجديد من المؤامرة التي نسجت خيوطها بدقة وإحكام بهدف تفتيت سورية تمهيدا لتفتيت المنطقة برمتها إلى دويلات متناحرة".

بالله عليكم اشرحوا لي ما هي الثوابت الوطنية والقومية، هل هي قتل الناس وتشريدهم لانهم طالبوا بالديمقراطية؟ هل هي سجن الناس لانهم قالوا كلمة حق؟ هل هي القتل تحت التعذيب السادي؟ ومن هم الاعداء هؤلاء الذين تتبجح بهم، أعتقد انك تعني الشعب السوري الحر، وعن أي وعي تتحدث؟ هل هو وعي عصابات الموت والاجرام التي تجتر ارواح السوريين؟ وهل هناك اي مؤامرة الا المؤامرة على الشعب السوري من العالم بقيادة هذا النظام الفاشي النازي؟ وهل هناك من السوريين المطالبين بالحرية من نادى ولو مرة واحدة بالتقسيم وبالطائفية الا المرتزقة داخل هذا النظام؟

وأضاف قائلا  "إن سورية العربية شعبا وجيشا وقيادة اعتادت أن تشيد الانتصارات.. وتلحق الهزائم بأعداء الوطن والأمة.. ونحن اليوم أكثر تصميما على متابعة نهج الكرامة بخطا واثقة تستند إلى القدرات الذاتية".

اي انتصارات يتحدث عنها هذا الطفل المعجزة، ربما قصده حق الرد في المكان والوقت والطريقة المناسبة على اسرائيل عندما قصف اسرائيل دير الزور وعندما قصف الجيش الامريكي قرية قرب مدينة البوكمال، ربما الانتصار عندما دمر جيش الكيان الصهيوني الضاحية الجنوبية لبيروت، او ربما الانتصار عندما قتل جيش الكيان الصهيوني فلسطينيي غزة واطفالها بالقنابل الفسفورية، وعن اي كرامة يتحدث وما هي القدرات الذاتية التي يتغنى عنها، هل هو الجيش الالكتروني المكون من عاطلين عن العمل والاغبياء والمتخلفين والمرضى النفسيين والارهابيين الذي تكتشف معدنهم من مفرداتهم وكلماتهم السوقية التي تدل على انحطاط مستواهم، ام على الجيش الاقتصادي المكون من المحارب الاعظم رامي الحرامي مخلوف.

وخاطب الرئيس السوري القوات المسلحة قائلا "لقد أثبتم للعالم أجمع بأنكم الأوفياء لشعبكم ووطنكم وعقيدتكم العسكرية.. ويكفيكم فخرا أن دماءكم الطاهرة وجراحكم النازفة وصبركم وإقدامكم وتصميمكم على تنفيذ مهامكم المقدسة قد قطع الطريق على أعداء الوطن وأسقط الفتنة وحافظ على سورية وطنا أبيا عزيزا يحتضن جميع أبنائه".

يا ايها الاسد الصغير لقد اثبت ان معظم هذا الجيش ابو شحاطة هو عبد لآل الاسد وهو من أكثر الجيوش جوعا وتخلفا في المنطقة رغم عدده الكبير ولكن لا يستطيع ان ينتصر الا على المدنيين العزل، يا لها من بطولة تستحق الفخر والشموخ يا قاتل الاطفال، انك انت ايها الاسد الصغير وكلابك هم الفتنة التي علينا القضاء عليها في سورية.

وأضاف الأسد "يخطئ من يظن أن الضغوط وإن اشتدت والمؤامرات وإن تنوعت قادرة على أن تدفعنا للتنازل عن بعض حقوقنا ومبادئنا، فإيماننا بالسلام العادل والشامل.. وحرصنا على بلوغه وتحقيقه لا يعني قط التخلي عن ذرة تراب أو قطرة ماء، والجولان العربي السوري سيبقى عربيا سوريا، وسيعود كاملا إلى حضن الوطن الأم سورية".

بعد هذا الكلام اعتقد ان اسرائيل تهتز ليس خوفا بل ضحكا على هذا الافاق المنافق الكذاب، فلا ضغوط وشاهدنا العالم وهو يضغط عليه ولا مؤامرات الا على الشعب السوري البطل، والسلام موجود ولكن غير معلن مع اسرائيل والاحداث الحالية أكدتت ذلك والجولان والماء بيع او أجر لاسرائيل.

وأضاف "سنبقى أحرارا في قرارنا الوطني وأسيادا في علاقاتنا الدولية ونهجنا المقاوم لإحلال السلام العادل والشامل وفق قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة حتى خطوط الرابع من يونيو1967.. ومن يراهن على غير ذلك يكن واهما، فالشدائد تزيدنا صلابة والمؤامرات تزيدنا قوة، والضغوط تدفعنا للتمسك أكثر بثوابتنا وحقوقنا العصية على التذويب أو التهميش"

وأضيف انت وكل الانظمة الغبية الشمولية التي لا تحترم الانسان لستم احرارا في اوطاننا، انها لنا وانتم لا تمتلكونها هي لنا فقط، والشرعية الدولية التي تريد اسرائيل تطبيقها طبقها اولا في سورية واتبع القوانين والاعراف المتعلقة بحقوق الانسان، ورهانك خاسر لانك انسان واهم ولا تقدر الانسان السوري الحر حق قدره.

رمضان الحرية والكرامة لجميع السوريين الاحرار.

السبت، 23 يوليو 2011

الشهيد ليس رقما


في جمعة أحفاد خالد من اجل الوحدة الوطنية بالامس، خرج حسب تقديرات النشطاء ووكالات الانباء اكثر من مليون ومئتي آلف متظاهر متحدين الوحشية القمعية للنظام السوري، وسقط حوالي 11 بطلا بنيران رجال الامن البرابرة.

بعض التعليقات والتحليلات خرجت علينا لتفسر تناقص عدد الضحايا الذين سقطوا بالامس، فمنهم من كان في صف النظام واخبر عن تراجع في اعداد المتظاهرين وهذا مردود عليه، ومن في صف المتظاهرين اخبر عن تقهقر قوات الامن نتيجة التعب والارهاق على طول خمسة اشهر.

ولكن فات على الطرفين ان مقتل شخص سوري واحد هو فاجعة بحد ذاتها، فكيف اذا كان العدد 11 شهيدا، ان الانسان وروحه مقدسين بكل الاديان والمبادئ والقيم، وعليه يجب ان لا نقلل من اهمية رقم ما اذا كان اقل من جمعة سابقة، فالانسان هو انسان ودمه حرام بكل المقاييس والاعراف.

علينا ان لا نقلل من احترامنا للضحايا ودمائهم بمجرد اننا اعتدنا على رؤية القتلى والدماء، المشكلة ليست بالارقام، المشكلة بازهاق تلك الارواح النبيلة التي تنتمي الى عائلة، الى حي، الى مدرسة او جامعة، والى تجارب وذكريات.

شكرا لكم ايها الابطال، تضحياتكم امانة في اعناقنا وسنردها لكم بيوم من الايام بسوريا حرة كما تشتهون.

الاثنين، 18 يوليو 2011

السوريون وصندوق باندورا


كنت وما زالت اعشق قراءة الاساطير الاغريقية القديمة واعيد قراءتها مرة بعد المرة، ومن هذه الاساطير الاسطورة التي تتحدث عن باندورا التي اراد ان ينقم زيوس من زوجها واولئك الذين يخلقهم هذا الاخير من البشر بسبب سرقته لنار مقدسة من الجنة وتعليمه للبشر كيفية استخدامها، فاهداها صندوق وذلك بشرط ان لا تفتحه، ولكن حب الاستطلاع عند المرأة جعلها تفتح هذا الصندوق لتخرج منه مشاعر الانسان وكل الشرور المتعلقة به من حروب واجرام ومجاعات وامراض ومن هول الصدمة التي المت بباندورا مما رأت اغلقت الصندوق ليبقى فيه فضيلة الامل.


تعلمنا هذه القصة ان الانسان يعيش في هذا العالم بكل ما فيه من شرور ومعاناة والفرق بين هؤلاء البشر هو الامل الذي يعطي النجاح والرفعة للبعض ممن يتمسكون به ويعطي الدرجة السفلى لمن لا يتمسكون بهذا الامل.

في شهر شباط/فبراير من هذا العام انتشرت دعوة على الفيس بوك لانطلاق ما يسمى يوم الغضب السوري في الخامس عشر منه، هذه الدعوة لم تلقى اي استجابة من السوريين ومرت هذه الدعوة بدعوات مضادة من مفكرين ومثقفين وحتى رجال دين يعتبرون في هذه الايام مؤثرين بالاحداث التي تجري اليوم، لقد كان فتح صندوق باندورا في الثمانينيات وما رافقه من مجازر وشرور شاخصا امامهم، كما ان اغلاقه في وقتها كان قد حبس الامل في ان تنتقل سورية مما هي عليه من ارتهان للبعث وآل الاسد الى سورية المدنية الديمقراطية.

وجاءت دعودة جديدة ليوم غضب جديد وذلك في شهر آذار/مارس من هذا العام في الخامس عشر منه، كذلك حذر الكثيرون من ان يخرج الناس في اي مظاهرات وذلك تحت ضغط الذكريات وآلمها، لكن هذه المرة رافق هذه الدعوة أحداث جعلت السوريون يستجيبون لهذا النداء، كان منها المظاهرة التي خرجت في سوق الحميدية والتي تنادي بالحرية وتضم اقل من 50 شخصا، ووقفة الاحرار امام وزارة الداخلية للمطالبة بالافراج عن المعتقلين السياسيين وطريقة اعتقال هؤلاء الوحشية، بالاضافة الى السبب الرئيس في مدينة درعا والمظاهرات المطالبة بالافراج عن اطفال بعمر الزهور اعتقلوا بسبب كتابتهم شعارات مناهضة للنظام السوري فسقط شهيدا من سقط وجرح من جرح واعتقل من اعتقل، لقد فتح السوريون صندوق باندورا مرة أخرى.

نحن الآن في بداية الشهر الخامس من الثورة السورية السلمية التي امتدت الى كافة انحاء الوطن السوري، اكثر من 2000 شهيد قتلوا بوحشية وبدم بارد وبنيران قناصة، اكثر من 20 آلف من المعتقلين والمغيبين قسريا، واكثر من 6000 جريح، دماء وآلام وأحزان في قلوب ذويهم واصدقائهم وجيرانهم وكل السوريين، كل يوم يسقط العشرات وذلك في سبيل الحرية والكرامة والعزة.

الثورة السورية اليوم امام تحديات اهمها رد الفعل العربي المشبوه الاخرس ورد الفعل الغربي الضعيف وموقف روسيا والصين الغير انساني، والاعلام المنافق التابع لبعض مرتزقة النظام السوري ومن يدور في فلكه ومن يهاوده، وامام النظام السوري الذي يسعى بكل طاقته لتحويل السلمية التي صبغت التحركات الشعبية الى الدموية والمواجهات الطائفية وآخرها كان بالامس في مدينة حمص، لكن الامل في مستقبل مشرق مزدهر لسورية هو من يحرك الجماهير في مظاهراتها لاسقاط النظام واستبداله بالنظام الديمقراطية المدني الذي يحفظ للانسان السوري كرامته.

الشعب السوري الذي يتظاهر في الشوارع والازقة في المدن والقرى يعلم جيد من خبراته السابقة ان اي توقف او تراجع او مهادنة مع وعود النظام الخلبية هو اغلاق لصندوق باندوا خاصتهم ولكن بنفس الوقت هو حبس واخفاء للامل لمدة خمسين سنة قادمة، فهو مصر على الاستمرار حتى النهاية متسلحا بالامل والتصميم على الحياة الكريمة او الموت الكريم.

الأحد، 10 يوليو 2011

خونة الجمعة وساحرات السبت


اوروبا في العصور الوسطى كانت في اظلم عصورها على الاطلاق، وسط يتحكم به الخرافات والايمان بقوى الظلام بقيادة الشيطان التي تسعى الى دمار الانسانية بالاضافة الى رجال الدين والملوك والامراء مجتمعين على حرمان الرعية من العلم وحرية التفكير والاعتقاد والتعبير لضمان الاتباع الاعمى لنفوذه وسلطتهم.


فعلى سبيل المثال لا الحصر اكثر من 100 آلف امرأة اتهمت بالسحر والشعوذة او التعاون مع الشيطان وتقديسه بهدف أذية الناس والعامة في المانيا وحدها في القرن السابع عشر وحرقن، كان هناك ما يسمون صائدي الساحرات وهم اناس مهمتهم كشف هؤلاء النسوة والاستدلال عليهم مقابل مبالغ مالية كجوائز وحوافز، كانت النسوة بكل بساطة لا يمتلكن الحق في الدفاع عن انفسهن، كان امامهن فقط الاعتراف والموت حرقا او شنقا او الانكار والموت ايضا تحت التعذيب او الاعدام بحسب ادلة واهية لا تحمل اي قيمة قانونية او من خلال شهود زور كانوا يعتقدون انهم بشهادتهم التي تحمل ادانة تلك النسوة يقدمون خدمة للرب.

أكثر التهم انتشارا في ذلك الزمن كان الانتساب الى أعضاء في اجتماعات سبت الساحرات، وكانت هذه التهم تتضمن تهمة الاجتماع مع نسوة أخريات ايام السبت والقيام بهذا اليوم بطقوس شيطانية كتقبيل موخرة الشيطان وممارسة الجنس الجماعي وتقديم القرابين البشرية الدموية، وعليكم ان تتصور كمية التعذيب والالآم التي مرت بها تلك النسوة وكمية الاجرام التي رافق تلك الفترة من التاريخ الاسود من تاريخ البشرية، والتي انتهت كما تفسرها احدى الباحثات بسبب انتقال الناس من الريف للمدينة وانتشار العلم والبدء بتقديس التفكير وارتفاع ضمانات الحرية الشخصية وعلى رأسهم حرية التعبير.

سورية منذ الانقلاب الاول على الدستورية الناشئة بعد الاستقلال وهي تعيش بعدم استقرار سياسي واجتماعي واقتصادي وجاء حزب البعث في بداية ستينيات القرن الماضي لتكريس الاوضاع التي دفعت سورية الى الظلام السياسي الذي نعاني من تبعاته لليوم.

فمنذ استلام حزب البعث السلطة نتيجة انقلاب عسكري على حالة غير شرعية اصلا مرت البلاد بتحولات اعمق نحو الهاوية تجسدت بتحوله لاداة عائلية بيد آل الاسد ومن يدور في فلكهم من اقربائهم ومنافقيهم، هكذا اصبح كل من يقول رأيا مخالفا لهم او ينتقد اقل انتقاد خائن وضد الثورة (إنقلاب البعث)، سجن الكثيرون وعذب الكثيرون ومات الكثيرون.

أصبحت سورية دولة بوليسية متوحشة على شعبها، اصبح النظام السوري يقود جيش من صائدي الخونة بمفهومهم طبعا، فمن يتجرأ على ابداء اي نقد علني يجد نفسه في السجن او تحت التعذيب ليعترف بانه من عملاء اسرائيل او احدى الجماعات الدينية المتطرفة او اليسارية الثورية، قتل تحت هذا النظام ما يزيد عن 60 آلف شخص في الثمانينات رغم ان معظمهم مدنيين مسالمين لا نشاط سياسي واضح او اتهامات واضحة بالدليل القاطع.

في سورية التهم تلفق للناس بمجرد تقرير مخابراتي يقوم بكتابته مخبر، والاعتقال تحت ما يسمى قانون الطوارئ (ونفس السلوك يمارس بعد رفع هذا القانون)، والتعذيب يكون بطريقة بربرية بهدف نزع الاعترافات بما يمليه رجل الامن المكلف بالتعذيب، كثيرون يرفضون اي اعتراف فقسم منهم يقتلون نتيجة ارتفاع شدة التعذيب مع تقدم الوقت ومنهم يظل في المعتقل دون محاكمة باصابات بالغة قد ترافق المعذب لبقية حياته وربما يحاكمون بتهم اقل ما يقال عليها انها مضحكة وغير مادية كتهمة اضعاف الشعور الوطني او بث الشائعات او بث الاخبار المغرضة والى ما هناك من هذه التهم الغير عقلانية، ومن يعترف يكون السجن الطويل وبظروف صعبة وغير انسانية.

الثورة السورية السلمية الحالية التي تهدف الى الحرية والديمقراطية والوصول الى سورية الانسان اعادت الى ذهني اوروبا في العصور الوسطى وذكرتني بكل قصصها واعادت الي كل ما سمعت او قرأت عن جرائم النظام السوري في الخمسين سنة السابقة.

كل جمعة يجتمع المتظاهرين المطالبين بالحرية وهم يعلمون ان النظام السوري نظام متوحش دموي لا رحمة في قلبه، والنظام منذ بداية التظاهرات اطلق شتى انواع التهم عليهم فهم المندسين والمخربين والعصابات المسلحة والتكفيريين والسلفيين، اطلق رجال الامن الذخيرة الحية على المتظاهرين طوال الاشهر الاربعة الماضية وادى ذلك الى سقوط اكثر من 1800 ضحية وبدم بارد، رجال الامن هؤلاء انتقاهم النظام السوري بعناية فائقة وفق استراتيجة كونهم من الافقر في المجتمع ومن القرى النائية ليسهل عليه السيطرة الفكرية والمادية عليهم ليصبحوا في أيامنا هذه صائدي المتظاهرين أيام الجمع، وتم اعتقال اكثر من 20 آلف مواطن دون تهم واضحة وهم تحت التعذيب ومات الكثير منهم تحت هذا التعذيب وذلك للاعتراف بما لم يقدم عليه هؤلاء.

سورية تعاني بسبب قوى الظلام والمجرمين، والشعب السوري يعاني تحت هذا النظام الغير انساني، نستطيع تشبيه النظام السوري الحالي بالنظام البابوي المدعوم من ملوك وامراء الظلام الذي حكم اوروبا في عصور الظلام والذي كان يعدم كل من يشغل عقله ويفكر ويتحدث بحرية، وما اشبه اليوم بالامس حين كان صائدو الساحرات يلاحقون نسوة لا حول لهم ولا قوة بتهمة اجتماعاتهم أيام السبت فاليوم رجال الامن البائسون يلاحقون المتظاهرين أيام الجمعة ويقتلهم ويعذبهم كخونة ومخربين، والشعب السوري يمضي قدما بفرصة تاريخة يصنعها بنضاله وتضحياته الى المدنية المنشودة والى الحرية والديمقراطية، الى سورية النور والعلم والانسانية.

السبت، 9 يوليو 2011

تساؤلات عن زيارة السفير فورد


يوم الخميس الماضي قام السفير الامريكي روبرت فورد بزيارة لمدينة حماة وبات فيها وغادرها يوم الجمعة قبل الصلاة، في هذه الزيارة قام السفير بلقاء عدد من اهالي المدينة، وزار مشفى الحوراني للوقوف على صحة المصابين جراء نيران اسلحة الامن والجيش السوري في اقتحامهم للمدينة في الاسبوع الماضي والذي كانت نتيجته اكثر من 35 شهيدا وذلك يوم الخميس، ليقم بجولة ميدانية بسيارته في شوارع المدينة وخصوصا ساحة العاصي التي اصبحت رمزا للثورة السورية صباح الجمعة.

كان التلفاز السوري خلال هذه الزيارة ومساعده قناة الدنيا يشنان حربا اعلامية شعواء وبمساعدة أبواق النظام طبعا، فالسفير الامريكي ضرب بالبروتوكولات الدبلوماسية عرض الحائط وقام بهذه الرحلة دون اذن مسبق من النظام السوري، ولكن الجميع متفق على أن الزيارة كانت بموافقته وكعادته حاول استخدامها للتسويق لنظرية المؤامرة التي تضم بين أطيافها تحالف المخربين والارهابيين والتكفيريين ودول الخليج واوروبا والولايات المتحدة والتي سقطت هكذا ادعائات نهائيا منذ الأيام الاولى للثورة السورية.

أثبت سكان حماة كما هو حال إخوانهم في جميع المدن ان حراكهم سلمي ومدني، فسيارة السفير وبدون مرافقة كانت تسير بهدوء دون اعتراضها من احد، لم يرمي احد حجرة واحدة تجاهها بل قوبلت باغصان الزيتون والورود والهتافات التي تدعوا صراحة نظام الاسد للرحيل.

سيتكلم الكثيرون عن هذه الزيارة وابعادها وسترون في الايام القادمة الكثير الكثير من السجالات بين ابواق النظام واعلاميي الثورة، ولكن أنا هنا سأطرح تساؤلات دون محاولة الاجابة عليها:

1- لماذا لم يزر مدينة حماة او مدينة أخرى اي مسؤول سوري رفيع للوقوف على الحقيقة كما فعل السفير الامريكي؟
2- هل سماح السلطات السورية للزيارة بمثابة فخ نصب للسفير بحيث كان النظام يتوقع ان يقوم اهل حماة باستقباله بطريقة سيئة او عنيفة ربما كانت ستعلل لاحقا تدخل امني عنيف؟
3- هل كان سيستقبل اهل حماة اي وزير او مسؤول كبير سوري لو حاول زيارة المدينة بنفس الطريقة والحفاوة؟
4- لماذا لحق السفير الفرنسي بالسفير الامريكي الى مدينة حماة وما سر هذا التنسيق؟ هل هو تحرك اوروبي امريكي من نوع معين؟
5- هل سيجرؤ النظام السوري على طرد السفير لانه بحسب ادعائه تصرف دون تصريح او سيكتفي على الاقل بتوبيخه؟ او ربما سيحتفظ بحق الرد في الوقت والمكان المناسبين؟
6- في نفس الوقت الذي كان السجال على اشده استدعت الخارجية الامريكية السفير السوري بواشنطن لتحقيق معه عن تقارير تؤكد تورط السفارة السورية هناك بتصوير المتظاهرين ضد الحكومة السورية وابتزاز اهالي الناشطين المشاركين بها، هل هو فعلا سفير ام شبيح؟
7- هل سيستطيع اجتياز الاسد الابن عقبة حماة يا سمح الله كما فعل والده المجرم بالاشتراك مع عمه السفاح؟

الثلاثاء، 5 يوليو 2011

يوم جمعة آخر



- يا الله ما أجمل هذه الرائحة الصباحية، إنه فنجان القهوة تركته والدتي بقرب السرير، إنها عادتها الصباحية، أمي ليست كباقي الأمهات فهي لا توقظني بالصراخ او النكز ولكنها تعرف أثر عبق القهوة المنشط علي.

- أرجو ان لا اسمع كلمة توبيخ من والدي، ولكن بصراحة فنجان القهوة لا يحلو الا وسيجارة معه، ترى هل سيكون فطورنا اليوم ككل يوم جمعة من مشتقات الفول والحمص والطحينة، سأخرج للصالة بعد انتهاء هذه السيجارة الطويلة وما تبقى في فنجاني.

- صباح الخير يا أبي، تبدو اليوم اجمل وعلامات الشباب ترسم على وجهك ابتسامة رائعة، قلي السر يا أبي ماذا تفعل؟ لأبيعه في السوق وأصبح مليونيرا.

- الأب يضحك ويقهقه: ماذا تريد؟ أخبرني ولا تتخذ مثل هذه المقدمات والمداخل،قل لي؟

- الأم وهي في المطبخ وتركيزها يتجه للحديث الدائر بين الأب وأبنها: إنه نفس الحديث، إنه نفس الموضوع، افعل شيء لأبنك المجنون هذا، ماذا تنتظر؟ أتنتظر أن تقع المصيبة وتقول يا ليت.

- أمي أرجوك، كفي عن معاملتي كطفل معتوه، ماذا أطلب؟ كل ما أطلبه هو مرافقة ابن عمي، هل ابن عمي أشجع مني او أفضل مني، او حتى ابناء جيراننا جميعا.

- يا ولدي لا تتحامل على أمك، فأنت لا تعلم خوف الام على ابنها، ومن ثم ......

- ابي الموضوع لا يحتمل النقاش، لقد وعدتني قبلا بانك ستسمح لي بعد انتهاء امتحان الشهادة الثانوية وها قد انتهى الامتحان، والآن اطلب لك السماح لي، أرجوك اعطني الفرصة.

- الام ودموعها أثرت على صوتها: توقف ارجوك لا تتحدث اكثر، لا أريدك ان تعود كابن جارنا في البناء المجاور من اسبوعين، أرجوك أرجوك.

- يا ولدي، امك وانا بصراحة خائفين عليك، وانت بصراحة ما زلت صغير والشارع خطر جدا في أيام الجمع، اسمع كلمة امك وابقى بالبيت، فأنا رأيي من رأيها.

- انتما والداي ولكن انا انسان كامل وواعي، ان اريد الحرية في البيت وفي الشارع، اريدها هنا وهناك، ابي ارجوك احترم رأيي، امي ارجوك احترمي رأيي، انا اريد ان اذهب اليوم الى مسجد الحي واكون مع اصدقائي وجيراني، اريد ان اهتف للحرية، وحريتي تبدأ من هنا من البيت، فاسمحا لي، حريتي تبدأ هنا، وقد رضخت لأوامركم ببقاء في البيت وعدم الخروج بسبب الامتحانات ولانك انت يا أبي وعدتني بسماح لي بعدها.

- يا ولدي اسمع لي جيدا، انا اريد الحرية كما تريدها للوطن وللناس، ولكن ما يحدث مخيف، فاما القتل قنصا او الاعتقال والتعذيب، او .... (بدموع تنهرم من عيني الاب) اختفاء طويل قد لا يتنهي.

- دموع الام اصبحت أغزر واخذت تولول بكلمات وعبارات وتوسلات: اسمع كلامي ومشورتي يا ولدي، ارجوك ورضي الله عليك في الدنيا والآخرة.

خمس دقائق من الصمت ....

- ماذا قلت يا أبي، ما ردك؟

خمس دقائق أخرى من الصمت ....

- يا أبي أتسمعني؟ قل لي.

خمس دقائق من الصمت ولكن هذه المرة مع ارتفاع صوت بكاء الام وتوسلاتها: أرجوك لاتسمح له.

- إذا سمحت لك امك بالذهاب فأذهب، والا فانا غير موافق وهذا القرار نهائي بالنسبة لي.

- الله يمد في عمرك وانت فوق رؤوسنا ....

- "في صمت" إنها اول مرة ارى فيها امي تقبل ابي امامي، صحيح ان هذه القبلة على الخد ولكن ايقبلان بعضهما دائما، دعك الآن من حديث القبل، ماذا سأفعل؟ أعتقد ان علي أن اذهب في غفلة منهما، فأنا عمري 18 سنة، في بلاد الغرب استطيع ان أشاهد كل البرامج التي كتب عليها +12، ولكن لا أستطيع هنا الخروج من البيت الا بقرار جمهوري،  آه حتى في البيت قرقوش موجود.

- اسمع يا ولدي .... (الدموع تخنق الام من جديد) انت ولدي الأكبر الوحيد، لا يمر يوم الا واحلم بك وقد تخرجت من الجامعة وانني اخترت لك اجمل نساء الارض زوجة وارى نفسي الاعب اطفالك الصغار اتخيلهم هم ربما 3 واحيانا ازيدهم، انت يا ولدي بهجتي في هذه الحياة، وانا أتوسل إليك سامحني، ولكن لن اسمح لك بالذهاب.

- "في صمت" يا امي احبك ولكن لماذا تقحمين نفسك في أحلامي لتفصليها على مزاجك حتى عدد الاولاد يا إلهي، آه يجب أن اطلب الحرية هنا في البيت واحصل عليها قبل ان انزل للشارع.

- لماذا انت ساكن؟ بماذا تفكر؟ أجب امك وقل لها: أمرك يا أمي!

- "في صمت" هل أنا في معتقل؟ لن أقول شيء، لقد وعدني وهاهو الآن يختبئ خلف زوجته.

- تكلم يا ولد، قلها واطلب أيضا رضى والدتك! لا تجعلني افقد صوابي، قلها يا ولد!

- اتركه، من المؤكد انه فهم علينا وسكوته هو علامة على قبوله بكلامنا.

- يا ولد، انطق بكلمة ماذا حل بلسانك؟ تكلم.

- بالله عليك لا تضغط عليه، ان اتفهمه واصفح عنه، ولا أريد منه اي كلمة، أعلم انه سيكون صالحا ويفعل ما طلبناه منه.

- آه آه والله تعبت، هل الفطور جاهز؟ ام علينا الانتظار قليلا.

- "في صمت" دائما اهرب بصمتك يا أبي.

الجميع يتناول الافطار، ولا أحد ينظر الى الآخر....

- أبي

- الكلام على الطعام ليس من آدابه، صه.

- دع الولد يتكلم، ماذا تريد يا عمري؟

- أريد أن أذهب اليوم الى مسجد الحي، واخرج في المظاهرة مع اصدقائي وشباب الحي، سأذهب ولو إضطررت للقفز من شرفة المنزل، هذا نهائي.

- عدنا الى نفس الموال، ماذا كنا نتحدث قبل قليل؟

- انا خائفة عليك يا ولدي، ولا أريد ان تذهب وابوك وانا متفقين على هذا، وأيضا هذا القرار نهائي.

ربع ساعة من الصمت .... وكل واحد منهم يريد الاخر أن يبدأ الحديث ليرد عليه .... توقفوا عن الطعام وكأنهم شبعوا ....

- أنا سأدخل الى غرفتي.

- لم تكمل صحنك يا ولدي.

- أتركيه ويكفي دلال.

بعد ساعتين ....
بعد ثلاث ....
بعد أربع ....

صوت اطلاق رصاص كثيف ....

الباب يقرع بقوة ...

- جارنا الحبيب، نبارك لك بشهادة ولدك البطل برصاص الغدر.

أصوات بكاء وآهات، ضوضاء ... زغرودة طويلة مشحونة بالفاجعة والآلم ... زغاريد تملأ الحي ...

اليوم التالي ....

- رحمك الله يا ولدي لقد سامحتك لعدم سماعك كلامي، الله يرضى عليك دنيا وآخرة، يا اب البطل سامحه من أجلي، سامحه لانه لم يسمع كلمتي، اغفر له فهو وحيدي.

- يا ام البطل، انا لست غاضبا، انا حزين، لا اعتقد انها  الفرحة والفخر في قلبي، لان ابني تحدى الخوف الذي عشت به اكثر من 40 عاما وأثبت رجولته وانطلق الى حريته ونالها، الله يرضى عليه ويسكنه جناته.

دموع وعبارات وآهات، واقفان كانهما جسد واحد ...

الثلاثاء، 28 يونيو 2011

المعارضة والثورة السورية


على مدار أكثر من اربعين عاما والمعارضة السورية مغيبة عن المشهد السياسي والاجتماعي في سورية، ومشرذمة في بلدان الاغتراب اومتوارية في الداخل إما هربا او اعتقالا او اختفاء قسريا، لم يكن احد قبل اربعة اشهر يتوقع ان نشهد قيامة جديدة لهذه المعارضة، وبعد بدأ الثورة السورية السلمية شهدنا ارتفاعا لاصوات المعارضين في الداخل وهم قلة وفي الخارج وهم الاكثرية.

وجدت المعارضة السورية نفسها فجأة في دائرة الضوء بكافة اطيافها من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، المفاجئة كانت قوية تحت شجاعة الشعب السوري بحيث اوضحت الحالة السيئة لهذه المعارضة، فلا تغطية اعلامية لنشاطهم قبلا هذا اذا وجدنا اي نشاط من اي نوع ولا شعبية تذكر في الداخل وشخصياتها مجهولة بكثير من الاحيان في هذا الداخل، وحملت ما لا تقوى عليه من مسؤوليات تجاه الشعب السوري الاعزل الثائر.

المعارضة السورية وكما نعلم تتكون من بقايا الاسلاميين والاشتراكيين والقوميين (مختلف القوميات السورية) والمنشقين عن النظام بالاضافة الى بعض الاحزاب الكرتونية في الخارج التي تعتاش على معونات دول الاستضافة والمكون الاكثر هم الكتاب والباحثين والمثقفين والشخصيات مستقلة.

بمواكبة الحراك الشعبي عقد اولا مؤتمر للمعارضة بانطالية في تركيا وبعده بأيام بروكسيل، وأخيرا المؤتمر التشاوري الذي عقد بالأمس وكان اللافت انعقاده في الداخل السوري بإذن مسبق من النظام السوري، واجمعت هذه المؤتمرات والاجتماعات على دعم الشارع السوري وحركته السلمية والتشديد على سلمية هذه التحركات، وهو اكبر نجاح للمعارضة رغم الاختلاف الفكري لاطيافها.

في المقابل كانت تحركات النظام السوري ضد هذه المعارضة فحاول في البداية وصف هذه المعارضة بأنها من أدوات المؤامرة الغربية لاسقاط نظام المقاومة والممانعة، ومع تقدم الثورة السورية غير من لهجته وحاول تقسيمها الى معارضة داخلية شريفة تعمل تحت سقف الوطن ومعارضة في الخارج تعمل بامر الاستعمار الجديد، وأيضا تحت ضغط الشارع بحث النظام السوري عن طريقة لاعادة جزء من شرعيته المنهارة امام جرائمه بحق المتظاهرين السلميين فسمح بانعقاد الاجتماع التشاوري الاخير في دمشق والغريب بالامر هو تقسيم هذا النظام للمعارضة في الداخل الى معارضة ايجابية واخرى سلبية.

وفي المقابل أيضا هناك الحراك الشعبي الذي أظهر ومنذ بداية المظاهرات السلمية رفع شعارات ضد أطياف من هذه المعارضة والتبرء من الانتماء لها، ومن اي تصريح او تحرك لافراد او تنظيمات المعارضة لا يتوافق مع المزاج العام الشعبي.

نحن الآن امام مشهدين يقفان مقابل المعارضة السورية، مشهد يقف فيها النظام السوري ضد هذه المعارضة الذي يحاول بشتى الوسائل للاستفادة من ضعفها لتسويق رؤيته للمرحلة القادمة وجعل الجزء الاضعف منها حلقة من حلقات شرعيته ولعبته، ومشهد شعبي يقف امامها أيضا ويحسب عليها حركاتها وسكناتها لمنعها من التحول الى لعبة بيد النظام او الالتفاف عن مطالب الشعب في سبيل بعض المكاسب السياسية الآنية.

امام المعارضة السورية خيار واحد فقط وهو محاولة اللحاق بالشارع ومطالبه وتقديمها وتبنيها لتأسس شرعية لها في النظام القادم في سورية، لا بديل لها عن ذلك والشعب السوري يقدم التضحيات وهو يطالب بالحرية والديمقراطية، والا ستسقط كما سيسقط النظام اليوم او غدا او في وقت لاحق اتمنى ان يكون قريبا جدا.

السبت، 25 يونيو 2011

النظام السوري ... الممانعة والمؤامرة


النظام السوري ومنذ وعيي على هذه الدنيا واسمعه يتكلم عن المؤامرة الخارجية والمتأمرين في الداخل، اسمعه يتحدث عن الامبريالية والصهيونية التي تريد النيل منه قادمة من الخارج وعن الرجعية التي تريد للوطن العودة الى العصور الحجرية وهي كامنة في الداخل.

ملايين الكلمات كتبت في الجرائد والمجلات الرسمية، ملايين الكلمات رددت على أثير إذاعة دمشق وتلفزتها، وملايين الكلمات في كتب القومية العربية الاشتراكية التي تدرس في المناهج السورية بداية بالمرحلة الابتدائية وانتهاء بالمرحلة الجامعية، كلها تؤكد على ان النظام السوري هو قلعة الصمود والتصدي وهو الممانعة وهو الخط الاخير في الدفاع عن العروبة والقومية العربية، وكلها تؤكد على حكمة القيادة وشراستها في الدفاع عن الوطن بمكتسباته التي قدمها للشعب.

دائما يتحدث النظام عن نجاحه الباهر في بناء سورية الحديثة، سورية القوية، سورية التي لا تقهر، سورية العزة والعروبة والإباء، لم يتحدث ابدا مرة واحدة مسؤول سوري ولو كان صغيرا ليعترف بأخطاء النظام او ليدل على خطأ ما، وان خرج واخبرنا بخطب ما فمرده دائما الى الامبريالية والقوى الرجعية والوضع الراهن والوضع الاقليمي والضغط الدولي، دائما هناك هاتين الشماعتين: الخارج الامبريالي الصهيوني والداخل الرجعي المتعامل مع الخارج.

ولم تخرج حركة الشعب السوري السلمية عن هذا الاطار، فبندر بن سلطان وسعد الحريري وجورج بوش الاب والابن والامبريالية الامريكية والاوروبية والصهيونية وتركيا الخائنة وعملائهم في الداخل السوري هم من يقفون وراءها، وبالتالي هي ليست نتيجة سياسية انتهجها هذا النظام وأخطاء بالجملة اقترفها على مدار اربعين عاما واكثر.

خطاب اول وثاني وثالث، مؤتمر صحفي لوزير الخارجية، وفريق عمل إعلامي شبيح على القنوات الفضائية، والاجماع هو المؤامرة الخارجية ومساعدة من قوى الرجعية في الداخل.

في كتاب "خمسون سر من اسرار الاقناع" وهو من منشورات مكتبة جرير، يتحدث فصل من فصول الكتاب عن معالجة الأخطاء التي تقع بها الشركة وعن كيفية تفسير هذه الاخطاء للجمهور والعامة، وملخص هذا الفصل يؤكد استنادا على تجارب عميقة ودراسات تتعلق بشركات عديدة ان الشركات التي تعترف بأخطائها وتنسبه الى الشركة نفسها او الى اشخاص فيها وتضع خطة لتصليح هذه الاخطاء غالبا تكون الأكثر اقناعا واحتراما وتقدير من جمهورها بعكس لو نسبت اخطاءها الى قوى او تأثيرات خارجية.

وبالعودة الى النظام السوري، نجد انه ما زال يتبع المنحى الثاني الذي شرحناه بالاعلى، فكل ما يحدث ليس الا نتيجة الاخر الخارجي والحدث الخارجي، ولم يعترف الى الآن انه هو السبب، هو السبب لتأكيده على خيار القمع والاجرام والكذب، هو السبب لتأكيده على الاستئثار بالسلطة والاستفراد بها، هو السبب لحمايته للفاسدين واللصوص والخارجين عن القانون.

على النظام السوري ان يعترف بانه هو وحده المسؤول عن ما يحدث، على النظام السوري الحالي ولتوفير الدماء والتضحيات والآلام التي ستنتج عن اقتلاعه ان يقود هو عملية الانتقال السلمي للسلطة ليذهب بعدها غير مأسوف عليه وربما سيسامحه عندئذ الشعب السوري، واذا اصر على ما هو عليه سيكون  النظام هو خارج حركة التاريخ وحركة العلم وحركة الانساينة، وهو ما زال يصر على استخدام ادواته القديمة المتهالكة، وسيكون خارج حسابات المرحلة القادمة.

الخميس، 23 يونيو 2011

الاسد والمعلم، والسقوط


كان خطاب الاسد الذي القاه في مدرج جامعة دمشق منذ يومين غامضا فجا لا يحمل في طياته الا رسائل التهديد والوعيد، والفلسفة الفارغة من اي محتوى، وهذا كان اجماع كل من سمعه او قرأه، فسمعنا معظم الدبلوماسيون الغربيون يتكلمون عن هذا الخطاب ويؤكدون على انه سلبي جدا ولا يحمل اي جديد، كان هذا الرد السريع والحاسم تجاه الاسد وخطابه مفاجأة للنظام السوري لانه اعتقد ان ما قدمه من اكاذيب وتبريرات وتلميحات ستكفي النظام الدولي وتسكته.

سارع وزير الخارجية لعقد مؤتمر صحفي ليوضح ما استعصى على الكثيرين فهمه او تفكيك شيفرته، فظهر امس على شاشات التلفزة وامامه العشرات من الصحفيين السوريين وبعض اللبنانيين وغاب عنه مراسيلي القنوات الاخبارية المعروفة والمرموقة عربية كانت ام غربية.

بدأ السيد وليد المعلم بإلقاء بيان اكد فيه على المؤامرة التي تحاك على سورية، واكد على ان هذه المؤامرة قادمة من اوروبا، هنا كانت اول رسالة غريبة تحمل في طياتها كلمات عجيبة: سننسى ان اوروبا موجودة على الخريطة ونتجه شرقا وجنوبا، وسننسحب من مفاوضات الاتحاد المتوسطي بعدما جمدنا المفاوضات الخاصة بالشراكة مع الاتحاد الاوروبي.

الغى السيد المعلم اوروبا تماما هكذا بمجرد كلمات، ونسي ان اوروبا متمثلة بفرنسا هي من دفعت الجيش السوري للانسحاب من لبنان واهانته مقابل القليل من الانفتاح الاقتصادي تجاه سورية وتخفيف من العزلة الدولية، ونسي ان حوالي 30% من صادراتنا تذهب الى بلدان الاتحاد الاوروبي، وحوالي 25% من وارداتنا تأتي أيضا من الاتحاد الاوروبي، فنحن بحاجة الاتحاد الاوروبي وليس العكس.

هاجم السيد المعلم تركيا واتهمها بشكل غير مباشر بأنها احد ركائز المؤامرة على سورية، فقال انه يعلم بان الخيام نصبت قبل اسبوع من الاحدث في جسر الشغور، ولكنه على ما يبدو لم يسمع بادارة الازمات من قبل ويعتقد ان دول العالم تعمل وفق مبدأ الفعل ورد الفعل كنظامه الذي لا يملك مقومات الحكومات الحديثة.

تحدث المعلم عن الديمقراطية وان سورية ستعطي دروسا بالديمقراطية فقط خلال 3 اشهر، ولكن لم يخبرنا هل هذه الديمقراطية ستؤدي مثلا الى اختفاء الاسد عن الساحة السياسية في حال حكمت صناديق الاقتراع بذلك، هل سيكون لنا اعضاء في مجلس الشعب يختلفون عن باقي دوراته من مصفقين وشعراء ومطبلين.

وفي سابقة غريبة سألت احدى الصحفيات عن سبب تسامح سورية تجاه المؤامرات الاوروبية بقيادة تركيا، فأجاب السيد المعلم: القافلة تسير رغم عواء الكلاب، واشتعلت القاعة المليئة بالصحفيين بالتصفيق، ففي سورية فقط: الصحفي يسأل سؤال فيجيب وزير الخارجية بكلام بذيء ويصفق الصحفي على الجواب.

ان كلمات وليد المعلم ومن قبلها كلمات بشار الاسد تدل على استعلاء غريب تجاه كل من يقول لهم كلمة لا او كلمة حق وتدل على السقوط المحتم لهذا النظام، يذكروننا بالانظمة البائدة التي خلت تلك الانظمة الشمولية الديكتاتورية العدائية للنظام الدولي، يجعلنا نتسأل متى سيسقطون كما سقط من قبلهم من هو اقوى منهم واشرس بكثير؟ هل سيحسمها الشعب السوري الحر؟ ارجو ذلك قريبا ....

الثلاثاء، 21 يونيو 2011

الخطاب التاريخي التافه


بدء الشهر الرابع من الثورة السورية السلمية، وحصيلتها اكثر من 1500 شهيد، واكثر من 15000 معتقل ومغيب، وعشرات الآلاف من اللاجئين في دول الجوار، كل هذا بيد نظام اقرب ما يكون للعصابة منه لمفهوم الدولة.

خرج الاسد علينا بالامس الاثنين في 20 حزيران/يونيو، والقى خطابا ببعض اصحاب الكروش الكبيرة والمنتفعين في مدرج جامعة دمشق، 70 دقيقة من الكلمات جعلت الآلاف من ابناء الشعب السوري يخروجون الى الطرقات كلهم غضب وتصميم على الاستمرار في المظاهرات.

حمل الخطاب الكثير من النقاط والمدلولات، والتي تصب كلها في غير مصلحة الشعب، وتقف ضد تطلعاته في الكرامة والحرية، كانت مصطلحاته تقترب من القانونية الدستورية الزائفة تارة والى الفلسفة التافهة التي لا ترقى الى مستوى الفلسفة ابدا، حاول ان يظهر نفسه على انه القائد المناسب للمرحلة التي اطلق عليها مرحلة الحوار.

شرح الاسد في خطابه المؤامرة الخارجية والداخلية، وبعث برسائل الى هذا وذاك، وقسم المتظاهرين الى ثلاث مكونات، وكانت كل كلمة تشرح هذه الاشياء يتضح فيها هشاشة موقفه وسخف ادلته وتفسيراته، وكانت رسائله مضحكة جدا ولا تخرج عن اطار رد الفعل الطفولي الفج، وتقسيماته كانت عنصرية مقيتة.

تخلل الخطاب خروجات عن النص، وكعادته حاول تفسير جمله بجمل اكثر تعقيدا وضبابية، وباستعارات من الطب والهندسة وعلم الادارة، انتهى معظمها بضحكات في غير محلها، اصابت الكثيرين وانا منهم بالغثيان.

جاء الخطاب كما توقعه الكثيرون بلا شيء، ولم يستطع الكثيرون من المحللين ايجاد اية نقطة ايجابية ولو واحدة يدلون عليها، كان تكرارا بلا معنى لكلمات سمعناها قبلا، تستند الى اوهام او بالأحرى أكاذيب الهدف منها الهروب الى الامام، واطلالة مدة الازمة أملا بمعجزة ما تحصل ويقف المد الثوري في سورية.

 لقد سمعت الخطاب اربع مرات في محاولة لفهم ما يريده بالضبط او ما الرسالة التي يريدها، ففهمت ما يلي: المتظاهرين هم من الجرائيم، سنطهرهم قريبا، هناك لجان تشكل ولجان أخرى لمساعدتها ولجان أخرى لاتخاذ القرارات وسنبقى نشكل هذه اللجان حتى نصل لتوليفة اللجنة المناسبة للاصلاح، ومن يأتي اولا الدجاجة ام البيضة، وسنعطي العالم الديمقراطي الغبي درسا في الاصلاح (قمع الاحتجاجات)، فعلا كان خطابا تاريخيا تافه.

الثلاثاء، 14 يونيو 2011

جسر الشغور وطواحين الهواء


في رواية النظام السوري التي لم تنتهي فصولها والتي تتحدث عن الثورة السورية السلمية، نجد الفصل الجديد الذي يتحدث عن بلدة جسر الشغور، فبعد مظاهرات عارمة في جمعة اطفال الحرية، بدأت سطور هذا الفصل بالتطبيل والتزمير لوجود عناصر مسلحة اجرامية في هذه البلدة وبث التلفزيون السوري قصص لما حدث ويحدث وسيحدث هناك ومطالبات ومناشدات من اهل هذه المدينة بالتدخل في جسر الشغور لدحر هذه العصابات.

 وببداهة اكتسبها السوريون من فصول دموية سابقة تحدثت عم حدث في درعا وقراها، حمص وتلبيسة والرستن وتلكلخ، قرروا ترك بلدتهم بشكل جماعي، وبحسب موقع سيريانيوز فان اكثر من 50 آلف مواطن (عدد السكان في جسر الشغور 44 آلف حسب احصاء عام 2010 بحسب الموسوعة الحرة) تركوا بيوتهم هربا وانتشروا في قرى مثل دركوش وازمارين وسلقين في محافظة ادلب وقرية سلمى في محافظة حماة و صلنفة وكسب في محافظة اللاذقية، وطبعا في مخيمات للاجئين في تركيا ووصل عددهم هناك بحسب السلطات التركية الى وقت كتابة هذه التدوينة 7000 لاجئ.

بدأ الفصل الجديد في رواية النظام من دون اي مقدمات، ظهر خبر عاجل من جسر الشغور على شاشة التلفاز السوري الرسمي، 20 رجل امن قتلوا بايدي العصابات المسلحة، بعدها بساعة اصبح العدد 44، ليزيد بعد اقل من ساعة أخرى الى 80، ليستقر الرقم بعد ساعة ثالثة او اقل بطريقة تثير الاستغراب على 120، وكلهم قتلوا بكمين نفذه مجرمون محترفون يقاتلون بطريقة منظمة، ليتفزلك الابواق الجهال على الفضائيات ويتصدوا فيه عن الاسئلة الكثيرة حول قوة من قام بهذا الكمين ويقولون انه لم يكن كمين واحد بل عدة كمائن.

بعدها اخبرنا التلفزيون السوري بان رجال الامن الذين غدروا دفنوا في مقابر جماعية، وبث مكالمة مزعومة لاشخاص يتحدثون عن مقابر جماعية تحضر لرجال الامن المقتولين، وخرج وزير التشبيح الداخلي ليعلن ان الوضع الامني في جسر الشغور في انفلات خطير وان السلطات لن تسكت على هكذا انفلات فالاولية للامان والسلام واغاثة المواطنين الذي يرسلون نداءات الاستغاثة للجيش، وبعدها خرج ايضا وزير التشبيح الاعلامي ليعلن بدء العملية العسكرية لتطهرير جسر الشغور من المجرمين المتحدين في عصابات مسلحة لا تخاف الله.

بفرض ان كلام النظام السوري صحيح عن العصابات المسلحة التي تتحصن في بلدة جسر الشغور، دعونا نتذكر معا حادثة مشابهة الى حد ما حدثت قريبا، وبالتحديد في لبنان بمنطقة مخيم نهر البارد، وبغض النظر عن الاسباب.

كان عدد عناصر جماعة فتح الاسلام في مخيم نهر البارد يتراوح بين 500 - 700 عنصر وعند بداية الاحداث هناك في 20 آيار/مايو 2007 حاصر الجيش اللبناني المخيم ولم يستسلم عناصر هذه المنظمة الارهابية وحصل اطلاق نيران متبادل بين الجانبين تبعه بعد 3 أيام هدنة انسانية، ليخرج من هذا المخيم اكثر من 20 الف مدني فلسطيني، لزم الجيش اللبناني 100 يوم للسيطرة على المخيم، وقتل في هذه المواجهة : 154 جندي لبناني، و120 من عناصر فتح الاسلام و42 مدنيا، تم تمدير 80 بالمئة من المخيم بشكل شبه تام.

ولنعد الى جسر الشغور، اعلن اكثر من بوق ان التقديرات الاولية لعدد العصابات المسلحة في المدينة بين 2000 الى 3000 مقاتل، وانهم سرقوا 5 أطنان من الديناميت، وعتادهم بين السلاح الخفيف الى المتوسط، واكدوا ان الحملة العسكرية التي تحضر لها السلطات تحوي اكثر من 12000 جندي بالاضافة الى الدبابات والحوامات العسكرية.

بدأ الجيش السوري عمليته ضد العصابات المسلحة صباح الجمعة في 10 يونيو/حزيران 2011، ليعلن مساء يوم الاحد بعد بيومين فقط سيطرته الكاملة على المدينة وقراها، والقبض على العناصر المسلحة ومصادرة اسحلتهم، واكتشاف مقبرة جماعية، ولقد استشهد في هذه العملية جندي سوري وجرح 4 ، كل هذا حصل في اقل من 72 ساعة.

اليوم الثلاثاء 14 يونيو/حزيران 2011، وبعد هذه المعطيات، لدينا الكثير والكثير من الاسئلة التي يجب على النظام الاجابة عليها:
1- لماذا فر سكان مدينة جسر الشغور، بعد الاعلان عن وجود عصابات مسلحة وان الجيش قادم لحمايتهم ولم يهرب قبلا بوجود هذه العصابات وحدها، وخاصة الى تركيا او الحدود معها، وممن بالتحديد؟
2- رجال الامن لم يطلقوا رصاصة على من كمن لهم ولم نسمع عن حتى مجرم مسلح واحد قتل في مواجهة هذا الكمين، هل رجال الامن السوريين ضعيفون لهذه الدرجة؟ وان كانوا كذلك فمن المسؤول؟
3-  اذا استطاعت الاستخبارات ان تلتقط المكالمة التي تتحدث عن المقابر الجماعية المدبرة لرجال الامن، لماذا لم تستطع التقاط مكالمة اخرى قد تكون تحدثت عن الكمين او حتى اشارت اليه من قريب او بعيد ولكان 120 من رجال الامن احياء يرزقون؟
4- كيف اكتشف الجيش السوري المقبرة الجماعية بهذه السرعة الخارقة وفي ظل عمليات عسكرية ضد عصابات الاجرام المنظمة، على من كان تركيزه بالضبط المسلحين ام البحث عن جثث رجال الامن؟
5- قيل عن اسلحة متوسطة بيد العصابات، ولكن ما عرضه التلفزيون السوري ليس اكثر من بعض البنادق والمسدسات والقنابل، اين الاسلحة المتوسطة؟
6- اين العدد الذي قيل عن العصابات المسلحة المقدر بـ 2000 مقاتل، وأين قتلاهم الذين سقطوا برصاص الجيش السوري في عمليته؟
7- كيف عرض اعترافات العناصر المجرمة بهذه السرعة العجيبةعلى التلفاز وكأن المحققين السوريين لديهم مشروب يدفع المتهمين الى الاقرار الفوري بجرائمهم؟
8- كيف استطاعت القوات السورية التخفيف من الخسائر في ابنية المدينة بحيث تصل الى نسبة قياسية، تصل الى صفر بالمئة؟
9- بعد نجاح هذه العملية العسكرية بكل المقاييس، هل سيقوم الجيش السوري تدريس الاستراتيجيات وتبادل المعلومات الاستراتيجية مع جيوش صديقة لتفادي ما يحدث عادة في مدن قد تتعرض للسيطرة من عصابات مسلحة (زنجبار في اليمن مثلا)؟
10- هل فعلا هناك عصابات مسلحة اجرامية؟

الاسئلة السابقة فعلا تحتاج الى اجابات والآن قبل اي وقت مضى، ولكن مع علمي بان النظام لن يستطيع ابدا، سأكتب نهاية هذا الفصل من رواية النظام السوري على طريقتي.

لم يكن هناك اي وحوش في جسر الشغور، ولم يكن هناك اي طواحين هواء، ولم يمر دون كيشوت دي لامانتشا من هناك بافكاره وايمانه بالحق وقوة الالتزام به وباخلاق الفرسان، لم يكن الا نفس العصابات التي قتلت المدنيين في درعا وبلداتها وقراها، وحمص وبلداتها وقراها، التي اعتقدت انها ستشرب من دماء السوريين القاطنين في مدينة جسر الشغور ولم تجد احد، والاخبار تتحدث عن توجههم الى مدينة معرة النعمان لانها هي الاخرى واقعة تحت سيطرة العصابات المسلحة الاجرامية.


شكرا للقراءة ولوقتك معي، اي تعليق مهما كان صغيرا او ملاحظة هو محل ترحيب مني واتشرف به.

الأحد، 12 يونيو 2011

النظام السوري والذئب


كان هناك راعي يعيش في الجبال مع اغنامه البيضاء بالقرب من قريته الهادئة، وكان على مقربة منهما ذئب يعيش على اغنام القرية واحيانا على بعض ساكنيها، كان هذا الراعي يقص القصص عن رؤيته لهذا الذئب وعن ممانعته وصموده امام بطشه وجبروته وكان دائما يخيف بهذه القصص اصدقائه وجيرانه، امتدت هذه الحالة سنين طويلة واصبحت كلمات هذه الراعي ليست اكثر من حديث تافه وقصص فجة غير واقعية عن هذا الذئب، وفي يوم من الايام هجم هذا الذئب عليه ورأه الراعي لاول مرة واقعيا لا خيالا، استنجد باهل القرية ولكن الكذب لا يجني الا تكذيبا، واكل الذئب الراعي.

منذ بداية الاحتجاجات في سورية وآلة الاعلام السوري بكل طاقتها تعمل لتكذيب اي صوت غير صوتها، ولتبرير اي عمل يقوم بها نظامها ضد المتظاهرين، مئات المظاهرات والاحتجاجات هنا وهناك وآلاف من مقاطع الفيديو وفي المقابل هناك تكذيب بها واتهامات بفبركتها وحتى نسبها الى اماكن اخرى، اختلفت رواية الابواق على الفضائيات وعلى اوراق الجرائد اليومية وفي الاذاعات.

فعصابات مسلحة في درعا تقتل المتظاهرين السلميين وبالمقابل تقتل ايضا رجال الجيش والامن وتشوه جثثهم، ولكن عشرات مقاطع الفيديو من درعا تؤكد ان من يطلق النار هم من رجال الامن بلباس اجهزة مكافحة الشغب وبلباس الجيش السوري.

والجيش اكتشف نفقا تحت المسجد العمري في مدينة درعا لتخزين الاسلحة، لنصعق بعدها بان هذا النفق في المكسيك على حدودها مع الولايات المتحدة الامريكية يستعمل لتهريب المخدرات.

شاهدنا اهل قرية البيضا في بانياس وهم يتعرضون الى اهانة ليست موجهة لهم وحدهم، بل موجهة ضد البشرية كلها، ليخرج بعضهم ليقول ان هذه الاحداث حدثت من اعوام في كردستان العراق وقناة فضائية تشتهر بالكذب والتلفيق تلقت اتصال من عراقي يقسم انه شهد هذه الحادثة في العراق، ليكذب هذه الرواية بعدها البطل احمد البياسة في مقطعه الشهير الذي يحمل فيه بطاقته الشخصية التي تثبت جنسيته العربية السورية ويقولها بنغمة حزينة تعكس حزنه بالظلم الذي وقع عليه.

العصابات المسلحة تحولت الى مجموعة سلفية في حمص وترفع علم اسرائيل، ولكن هذه الجماعات التكفيرية لم ترسل اي بيان يدعو للعنف او يتبنى اي عملية من اي نوع في حمص، وهربت هذه العصابات بعد دخول الجيش السوري الى منطقة باب عمرو، وشاهدنا مقاطع فيديو لدبابات وناقلات جند تطلق الرصاص في الهواء دون اي سبب هكذا فقط لترهيب السكان الموجودين في منازلهم في تلك المنطقة.

بعدها هربت العصابات التي لا تخاف الله الى تلكلخ، واستنجد الاهلين بالجيش العقائدي البطل، ولكن الغريب في الامر ان الناس هربت الى لبنان بدل ان تهرب الى طرطوس مثلا، وقص الناس قصصا مخيفة عن الشهداء سقطوا بنيران هذا الجيش وتركت في الشوارع بسبب القناصة الذين لم يسمحوا لاحد بجر جثثهم من الشوارع لاداء الواجب الانساني تجاه هذه الجثث.

المظاهرات التي خرجت في القابون في دمشق لم تكن ضد النظام، بل كانت لشكر الله وحمده على نعمة المطر ولكن ما سمعناه من المتظاهرين في مقاطع الفيديو انهم كانوا يهتفون ضد النظام ويستعينون عليه بالله.

في حماة سقط في جمعة اطفال الحرية اكثر من 70 برصاص عصابات مسلحة وتم احراق مبنى حزب البعث، ومقاطع فيديو عديدة ظهرت لتوضح ان من كان يطلق النار هم قناصة بلباس مدنيين بين رجال الامن وعناصر مكافحة الشغب، ومبنى حزب البعث لم يحرق لان كاميرات الهواتف النقالة رصدت وقت المجزرة وجود قناصة على سطحه المطلة على ساحة الجريمة.

عصابات مسلحة تسيطر على جسر الشغور ويخرج وزير شبيحة الداخلية ليعلن ان اهل جسر الشغور يطالبون الجيش بالدخول، ويخرج علينا وزير التشبيح الاعلامي ليبرر لنا تدخل الجيش، ومرة اخرى نرى اهل جسر الشغور يهربون بارواحهم عبر الحدود الى تركيا، ولكن بتفسير ابواق النظام لزيارة اقاربهم في تركيا، ولا مشكلة اذا ذهبوا هناك فهي ارض سورية.

العشرات من الروايات الرسمية التي يتم بثها كل يوم، التي تحمل تناقضا غريبا تجعل الدفاع عنها صعب جدا، والتشكيك فيها سهل جدا جدا.

بعد 90 يوما من انطلاق الثورة السورية السلمية، بدأت قوى الاستعمار تتنبه الى بداية ضعف النظام السوري الذي كانت تعتبره لاعبا و ضامنا مهما في توازن وسكون المنطقة، وهاهي اليوم بدأت تلعب على وتر حقوق الانسان التي هي اول من ضيعها بدعهم الديكتاتوريات العربية وحمايتها، لتمرير مصالحها ورؤيتها للمنطقة وسعيا الى انشاء توازن جديد يلبي حاجاتها، وكل هذا بمساعدة النظام السوري الذي ما برح يكذب ويكذب، ولا يعترف بوجود حراك شعبي عنيف يهز سورية ولا يعترف بكذبه السابق ويطلب الغفران من الشعب .

ان النظام السوري من واجبه وعليه ان يميل الى مطالب الشعب كاملة، وان يقود التغيير السلمي في المنطقة، باتخاذه اجراءات عاجلة، واولها هو الاعتراف بالمشاكل الداخلية والخارجية التي يعاني منها، وان يترك الكذب واللعب بالمفاهيم والتبجح بالمقاومة والممانعة الوهمية التي ستزيد المشكلة وتعقدها اكثر، عليه الصدق مع نفسه ومع الاخرين، عليه ان يطلب النصح وان يستمع له، يجب ان يستمع للناصحين من اخوة عرب واصدقاء دوليين، لا مفر من ذلك، والا سيأتي الذئب ويأكله دون ان يقف بجانبه احد، وارجو ان يأكله وحده لا ان يأكل الشعب السوري معه.


شكرا على وقتك الذي قضيته في القراءة، بانتظار رأيك بكتابته في التعليقات....

الخميس، 9 يونيو 2011

النظام السوري مازال متماسكا


اسبوع واحد يفصلنا عن بداية الشهر الرابع من عمر الثورة السورية السلمية التي انطلقت من منتصف شهر آذار/مارس الماضي، قدم خلالها الشعب السوري صور ناصعة عن التضحية والمدنية، سقط خلالها اكثر من 1250 شهيد موثق والعدد هو اكثر من ذلك و سجن وخطف اكثر من 12000 ثائر ضد الظلم والطغيان وبالمقابل لم يلجأ الى العنف او الانتقام الا في حالات معدودة ومحدودة اكثر ما توصف به انها فردية خرجت عن سياق توجه جماهير الشعب السوري السلمي.

ان وضع الثورة السورية مختلف عن وضعها في باقي الدول العربية، فلمتظاهرين عجزوا عن ايجاد مكان للاعتصام يكون رمزا لنضالهم كما حدث في مصر فكل محاولة من المتظاهرين كانت تنتهي بمجزرة مروعة كمجزرة المسجد العمري في درعا ومجزرة ساحة الحرية (الساعة الجديدة) في حمص، ولم تنتشر المظاهرات في مدينتي دمشق وحلب كما انتشرت الثورة التونسية من المدن الصغيرة الى العاصمة فشكلت هاجسا للسلطات هناك، ولم نشهد احتجاجا من المسؤولين السوريين او الدبلوماسيين على المجازر التي ارتكبها النظام بالاستقالة او حتى الادانة كما حصل في ثورتي اليمن وليبيا.

ولم تدعم الثورة السورية خارجيا، فمعظم زعماء العالم لم يدعوا صراحة الاسد للمغادرة او نقل السلطة ولم يقولوا حتى كلمة "لقد فقد الشرعية للحكم"، بل على العكس اعتبروه اصلاحيا ودعوه للاسراع في عملية الاصلاح، حتى تغير رأيهم تحت ضغط نضال الشعب السوري الاعزل بعد مدة طويلة وتضحيات عزيزة وغالية، فمرر اخير امس قرار يدعو الى ادانة النظام السوري.

ان كل ثورة شعبية تعتمد بشكل كبير على اتساع رقعة مناصيرها من الشعب، وانهيار النظام الحاكم، وتوجهات قوات الامن والجيش التابع لهذا النظام، بمحاولة قراءة الواقع السوري نجد ان الثورة السورية انتشرت في معظم انحاء الوطن ولكنها لا تزال اضعف في كل من دمشق وحلب وما زال النظام يراهن على تلك المدينتين، والنظام السوري لم ينهار بعد بخروج من فيه عليه وصعقنا باستقالة السفيرة السورية في فرنسا وصعقنا اكثر بتكذيبها بعد ساعة وبعد ان اعتبرها الكثير الحجرة الاولى في انهياره، ولكن بعد تكذيب هذا الخبر اقنع الكثير بان هذا النظام استطاع ايضا بناء شبكة دبلوماسيين مرتبطين به عضويا بشكل يصعب معه الخروج عليه، وقوات الامن والجيش من جهة اخرى الا في حالات نادرة لم توثق الى الآن ما زالت تدعم النظام السوري بكل قوتها وشراستها المعروفة.

نستطيع ان نقول ان الشعب السوري الخارج ضد النظام هو وحيد في ساحة نضاله، الرهان الوحيد فيه على الوقت والتضحية، فمزيد من الاحتجاجات والمظاهرات لمدة طويلة ستنهك النظام اقتصاديا وسياسيا ومعنويا، واجرام هذا النظام هو من سينهك النظام اعلاميا وقانونيا، الثمن الذي سيدفعه الشعب السوري اذا ما استمر في محاولته لسقاط النظام مرتفع جدا بالمقارنة مع باقي الثورات العربية، ولكن على ما يبدو فان الشعب السوري ماض في سعيه لنيل الحرية.

السبت، 4 يونيو 2011

النظام السوري وعقدة حماة


في عام 1982 انطلقت قوى الاجرام بقيادة رفعت الاسد واشراف اخيه حافظ الاسد لتطويق مدينة حماة بحجة انها تضم مقاتلين مسلحين من جماعة الاخوان المسلمين، ورغم ان عدد هؤلاء المقاتلين كان حسب التقديرات وقتها لا يتجاوز 300 مقاتل فلقد لجأت سرايا الدفاع الى سياسة الارض المحروقة بدل حرب المدن ضد هذه المجموعة، وكانت النتيجة اكثر من 10000 ضحية مدنية بحسب التقديرات الدولية واكثر من 40000 بحسب التقديرات الاهلية في المدينة.

تزامنت هذه الاجراءات مع عمليات واسعة في باقي المدن السورية للمخابرات السورية، فكانت الاعتقالات التعسفية والقتل وتخريب الممتلكات على نطاق واسع، حتى قيل ان معظم الاسر السورية فقدت عزيزا بين اغتيال او اعتقال او اختفاء قسري ابطاله لم يظهروا الى الآن.

بقيت مدينة حماة في وجدان السوريين، وذاكرة الاهلين في كل سورية، ولا زال ذكرها لحد الآن تذرف عليه الدموع وتزم الشفاه حزنا وآلما على ما حدث هناك.

بانطلاق الثورة السورية السلمية في 15 مارس/آذار لهذا العام، كان من الملفت ان حماة كانت من المدن التي قامت وانتفضت ضد الظلم الذي لحق بمدينة درعا، وبشكل فاجئ الجميع، فرغم الجراح ورغم الذكريات السوداء قام اهل هذه المدينة المفجوعة بدورهم في دعم المدن المحاصرة، لا بل كانوا اكثر الناس مظاهرات، فكانت مظاهراتهم شبه يومية، لم يركنوا فيها للخوف من اجرام النظام الذي قتل اجدادهم وابائهم قبل 30 عاما.

النظام السوري بدوره لم يحاول ان يضع ثقله الامني على هذه المدينة، لانه يعلم مقامها عند كل السوريين، وحاول تحيدها، فمرة بلقاء وجهائها مع الديكتاتور بشار الاسد، ومرة بالتهديد والوعيد، ولكنها ابت الا ان تشترك مع المدن الاخرى بضريبة الحرية.

في جمعة اطفال الحرية كانت مدينة حماة على ما عاهدت نفسها عليه، وبحسب التقديرات فإن 150 آلف متظاهر كانوا على هتاف واحد، الشعب يريد اسقاط النظام، كما وصف هذا الحشد بانه كان أسرا وملفتا ومنطلقا في شوارع حماة بكل حضارة ورقي الى ان وصلوا الى احد الحواجز قرب فرع حزب الطغيان، هنا ارتكبت قوى الامن مذبحتها باطلاق الرصاص الحي من كل الاعيرة مباشرة الى صدور المتظاهرين فسقط اكثر من 100 متظاهر ومئات الجرحى.

هنا نتسأل: هل هذه الحادثة عرضية، وعلى مسؤولية من امر باطلاق الرصاص؟ اما عملية مدروسة ونفذت بحذافيرها؟ ولماذا الآن، ولقد كانت مظاهرات حماة الاضخم في كل جمعة مقارنة بالمدن الاخرى؟ وان كان كذلك فما الرسالة المراد ايصالها ولمن؟

لنراجع ما حدث الاسبوع الماضي الذي حمل لسورية الكثير من الاحداث واهمها:
1- دعوة وزير الخارجية التركي داود اوغلو النظام السوري لتنفيذ الاصلاحات السياسية سريعا على طريقة العلاج بالصدمة، اي ان يحدث النظام السوري اصلاحا يسبق حتى ما طالب به الشعب السوري.
2- اتصل رئيس الوزراء التركي بالاسد وطالبه باجراء اصلاحات جذرية سريعة، بطريقة تدهش العالم بحد تعبير ادوغان.
3- اقامة مؤتمر انطاليا الذي ضم جزء من المعارضة السورية المشتتة في الخارج بحضور ملفت لعناصر من الاخوان المسلمين.
4- زيادة الضغط الدولي على النظام السوري واستنكاره الجريمة التي حصلت بحق الشهيد الطفل حمزة الخطيب.

اصدر الاسد مرسوما يقضي بالعفو عن المعتقلين السياسيين وتخفيف الاحكام الصارد على بعض منهم لتخفيف ضغط الاتراك والدول الغربية، وكان اللافت بهذا المرسوم الاشارة الى المادة 49 والمدانين بها وهم الاخوان المسلمين ورغم ان هذه اللفتة كانت رمزية وبهدف الغزل السياسي بسبب عدم وجود حقيقي للاخوان ومنتسبيهم في الداخل السوري، ولاعدام كل من كان متواجدا في سورية منهم قبل زمن طويل، فكانت رسالة مهادنة واضحة للاخوان المسلمين المشاركين في مؤتمر انطاليا ولقد فهمتها الجماعة وتلقفتها فاصدرت قيادتها في لندن بيانا قالت فيه: ان من يوجد في مؤتمر انطاليا من الاخوان المسلمين لا يمثلون الا انفسهم.

اختتم مؤتمر المعارضة في انطاليا اعماله وبتوصيات كان اهمها: دعوة الرئيس الاسد الى الاستقالة الفورية من السلطة تحت رغبة الشعب السوري، ولقد كانت هذه التوصية غير متوقعة وشكلت صدمة للنظام واربكته دوليا بعد ان بدأت ايجابيات مرسوم العفو تتشكل.

اعتقد ان النظام السوري فهم هذه الدعوة على انها رد سلبي من الاخوان المسلمين على اشارته الموجودة في مرسوم العفو، ولم يقتنع ببيانهم الصادر من قيادتهم في لندن وحملهم مسؤولية هذه الدعوة كونهم مشاركين رئيسيين في هذا المؤتمر، فأراد النظام معاقبة الاخوان المسلمين ولكن كيف وهم خارج سلطته؟ اعتقد ان النظام قرر مهاجمة رمز الاخوان المسلمين وهي مدينة حماة لارسال رسالة اخرى للاخوان المسلين ولكن هذه المرة بنكهة الدم، فكانت المجزرة التي حصلت بالامس.

أخطأ النظام السوري بهذا التصرف لانه اعتقد ان الثورة السورية هي ثورة الاخوان المسلمين، وأخطأ النظام بمحاولته تصوير هذا الصراع على انه بين النظام العلماني في سورية وبين تنظيم الاخوان المسلمين الذي يريد اعادة سورية الى العصور الوسطى ويسانده في ذلك قوى السلفية، وأخطأ ايضا بهذا التصرف بحق مدينة حماة وشعبها، لانها تشكل خط احمر في وجدان السوريين جميعا، وأخطأ الاخوان بأن حاول المناورة السياسية على حساب الشعب رغم كل الدعوات والتحذيرات من المفكرين لهم بعدم محاولة استغلال هذه الاحداث لتحصيل مكاسب سياسية.

ببساطة ما فعله النظام السوري بامس، سيخلط الاوراق من جديد في الثورة السورية السملية التي نتمى المحافظة على هذه السلمية، وسنرى تبعات فعلته في الايام المقبلة، وبحسب مراقبين قبل هذه المجرزة فإن نهاية هذه الثورة كانت بعد 6 اشهر من بدايتها لصالح الشعب او صالح النظام، ولكن بعد هذه المجزرة وبحسب نفس المراقبين فان الاسبوعان القادمان سيحملان الكثير من الاحداث الغير متوقعة.

الاثنين، 30 مايو 2011

سوريا ولعبة التوازنات


كثير هم من يتكلمون عن احتراف النظام السوري للعبة التوازانات والمناورات على المستوى الدولي وعن حساسيته العالية بالتغيرات والعوامل التي تتحكم بها، فلقد استطاع على مدار اربعين عاما البقاء سالما دون ان يتصدع لا بل في كثير من الاحيان خرج من الازمات الخارجية اقوى بكثير.

وفي المقابل على المستوى الداخلي لم يركن الى لعبة التوازنات بين قوى المجتمع، بل فرض قانونه الخاص المتمثل بتوازن القوة المبني على مقولة "ان لم تكن معي فانت ضدي وسأدمرك، او ترتدع"، فكان الداخل السوري ساكنا سياسيا ما عدا بعض الاحداث التي حاول فيها فريق من المعارضة تغيير الواقع فكان العنف في حماة وكثير من المدن السورية الذي ادى الى إلغاء وجود هذا الفريق كلية من المجتمع.

وقعت الثورة التونسية وبعدها المصرية وحققتا اسقاط النظام، والليبية التي جنحت الى السلاح تحت ضغط اجرام نظام القذافي، واليمنية التي تميزت بسلميتها رغم وقوعها في دولة يباع فيها السلاح كانه الخبز ويتوفر لكل من طلب ويطلب، الجميع لم يكن يتوقعها صراحة في سورية شعبا او سلطة، فمرت اول دعوة للاحجاجات بدون اي صدى يذكر، وتوقع ان الثانية ايضا ستمر كما الاولى، ولكن المرة الثانية كانت مصحوبة بظروف أنجحت هذه الدعوة للرد على اعتقال اطفال في مدينة درعا، هنا بدأت الثورة السورية التي استفادت من كل تجارب اخواتها واكتسب الشعب الكثير من ادوات النضال السلمي.

في بداية الثورة السورية لجأ النظام السوري الى لعبة التوازن الداخلية، فكان القمع هو لغته الوحيدة معتقدا انه باسبوع او على الاكثر اسبوعين سيعيد السكون الى ما كان قبل ذلك، ولكن تفاجأ بعكس ما كان توقعه، وهنا سقطت استراتيجيته الداخلية في خلق توازن الرعب، لم يعد الشعب يخشى من الموت او التعذيب، واصبح مؤمنا اكثر بانه قادر على التغيير كأشقائه في مصر وتونس، فاستخدم لاول مرة تقنيات جديدة فغازل الاخوة الاكراد وساومهم على الجنسية التي نزعت منهم ظلما قبل اربعين عاما، ورفع حالة الطوارئ والغى محاكمة امن الدولة شكليا وقيد حق التظاهر بقانون اقل ما يقال عنه هو انه اغتيال لحق عن طريقة قانون ينظمه، وهذه التقنيات بدورها فشلت في اقناع الناس بعنفه الدموي.

بتزايد عدد الضحايا من المدنيين الابرياء المتظاهرين المطالبين بالديمقراطية والكرامة برز ضغط دولي على النظام، كون ما يرتكبه من فظائع وجرائم لا يتقبلها البشر اينما وجودوا، فهنا لجأ النظام الى استراتيجيته في استغلال التوازنات الدولية، وراح يوجه رسائل تهديد مختلفة الشدة لمن يتكلم او يحاول التدخل في الشأن السوري لصالح الشعب الاعزل الذي ينكل فيه ويسقط في صفوفه شهداء عزل ابرياء طلب فقط حقه في العيش الكريم، فهدد الغرب بان لوح بامن اسرائيل وربطه بامن النظام في سورية عن طريق مقال نشرته النيويورك تايمز لرامي مخلوف، والتطبيق اتى بعد ايام عن طريق اقتحام متظاهرين للحدود الفاصلة بين ارض سوريا الام وبين الجولان المحتل لاول مرة منذ أكثر من 30 عاما، وهدد تركيا واستقرارها بان سمح لمظاهرة اخرى على الحدود التركية السورية لمجموعة من اعضاء حزب العمال الكردستاني وبحركة تحمل معنى متناقض سلم تركيا ثلاث من مقاتلي هذا الحزب ولسان حاله انتبهي يا تركيا فهذا الحزب في يدنا نحركه متى نشاء ضدك، وهدد الاتحاد الاوروبي بعد تمديد العقوبات الاقتصادية لتشمل الرئيس الاسد نفسه وبعد ايام وقع انفجار في مدينة صيدا اللبنانية ضد مجموعة من قوات الامم المتحدة ايطالية الجنسية ادى الى مقتل جندي ايطالي وجرح اخرون ورغم عدم تبني اي طرف لهذه التفجيرات الى ان اعين جميع المحللين نظرت الى دمشق، وهدد دولة قطر التي تستضيف قناة الجزيرة بمصادرة ست مليارات دولار قيمة الاستثمارات القطرية في سورية بسبب تغطية هذه الاخيرة للثورة السورية ولو كانت خجولة لا ترتقي في تغطيتها الى الثورتين المصرية او التونسية.

النقاط السابقة كان لها  التأثير المباشر والغير مباشر على الثورة السورية، ولكن الواضح والمتفق عليه ان هذه الاوراق لم تعد مجدية امام ما يقترفه من جرائم، قد يستطيع النظام اطالة مدة الاحتجاجات وقد ينجح في الحد منها ولكن مع كل ضحية تسقط وامام كل دبابة يدفع بها الى مدينة جديدة، يخسر من اوراقه ويضاف عدد جديد من المتظاهرين الغاضبين من هذه الجرائم.

ان الاعتماد في حل المشاكل الداخلية لا تنجح عن طريق التوازنات الدولية، فالتوازنات الدولية تعتمد على عوامل كثيرة وذات وقت طويل يعطي مجالا للمناورة، ولكن لا تعمل في الشؤون الداخلية لان حركة الشارع والشعب تكون اسرع فتحرم النظام من ميزة المناورة.

مع دخولنا الى الاسبوع الحادي عشر يبدو ان النظام السوري بدأ يخسر رهانه الخارجي امام خسارته لرهان القوة في الداخل، فظهر ذلك بدعوات الاطراف كافة بما فيها الصين وروسيا الحليفين التقليديين للنظام الى نقل الاقوال الى افعال فيما يتعلق باصلاح وان يكون طريقة العلاج بالصدمة، وبحسب قناعتي بان هذا النظام لا يملك مشروعا للاصلاح اعتقد ان النظام سيخسر ورقة خارجية وراء ورقة ليتعرى كلية قريبا.

السبت، 28 مايو 2011

بشار الاسد ... القائد التاريخي


كان بشار الاسد بوصفه احد ابناء حافظ مغيبا عن الاعلام تمام، فكان هذا الاعلام يعمل على تلميع صورة اخيه الاكبر باسل، بوفاة هذا الاخير فجأة انتقل هذا التلميع الى طبيب العيون، فسمعنا انه ذاك الطالب المتفوق في دراسته والذي يهوى الحاسب الآلي وتطبيقاته (كانت هذه الصفة تنسب لشقيقة المتوفى أيضا)، والذي يجيد الانكليزية والفرنسية، والذي يعشق الحداثة والابداع.

السنوات التي سبقت موت حافظ الاسد الرئيس الاب كانت سنوات التسويق المحموم، فلقد قدم للغرب كما للشعب على انه الطفل المعجزة الذي سينقل سورية الى مستوى جديد من التقدم والتحديث، وكانت غالبا ما تردد هذه الجملة: "اذا كان زمن حافظ هو التصحيح - نسبة الى انقلابه الذي سمي الحركة التصحيحية - فان زمن بشار هو التحديث والتطوير".

مات حافظ الاسد، وهنا ظهرت علامات تاريخية بشار الاسد، وسأختصرها هنا في النقاط التالية:
1- رفع من رتبة عقيد الى رتبة فريق بقرار من نائب الرئيس عبدالحليم خدام، فكان اول ضابط في سورية يرفع رتبتين دفعة واحدة ليتمكن من ان يصبح القائد العام للجيش والقوات المسلحة السورية الذي هو الشرط الاول ليكون رئيس سورية بحسب الدستور.
2- عدلت المادة التي تنص على ان يكون الرئيس اكبر من 40 سنة في الدستور السوري، فاصبحت تتناسب مع عمره آنذاك 34 سنة وتحقق الشرط الثاني.
3- انتخب الامين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي في المؤتمر القطري التاسع للحزب، فاصبح يتربع رأس حزب بطريقة غير قانونية، لانه ببساطة لم يحقق شروط المدة الزمنية الواجب عليه ان يقضيها في مراكز اقل، كالشعبة او الفرقة اوالفرع ولا حتى في القيادة القطرية.
4- فاز بالاستفاء الشعبي في 10 تموز/يوليو 2000 بدون وجود اي منافس وبنسبة كما ذكر وقتها تجاوزت 80 بالمئة.
5- صدم الشعب السوري بان رئيسهم الجديد لا يتقن فن الخطابة التي كان والده يتمتع بها، وكان هذا واضحا في خطابه في مؤتمر الحزب وفي خطاب القسم امام مجلس الشعب.
6- ربيع دمشق سرعان ما اصبح خريفا بعد منع اي منتدى سياسي في البلاد.
7- عقد تحت قيادته المؤتمر العاشر لحزب البعث، فاصدر هذا المؤتمر توصيات وقرارات لم تنفذ الى تاريخ هذه التدوينة.
7- انتهت ولايته الاولى ولم يحاسبه احد على ما وعد في خطاب القسم الاول او حتى يسأله عن ما انجزه او ما لم ينجزة، وانتخب لولاية ثانية وكان خطاب القسم الثاني صدا لقرارات المؤتمر العاشر لحزب البعث.
8- اعتقلت اجهزته الامنية اطفالا بتهمة محاولة قلب النظام بالكتابة على الجدران، ولم يفرج عنهم، عندها ثار سكان مدينة درعا فكان الرصاص والقتل والتعذيب هو الرد.
9- تحت ضغط الشارع السوري، والرأي العالمي ظهر بخطاب تاريخي امام اعضاء مجلس الشعب الشعري، فبدلا من الترحم على ضحايا الذي سقطوا بنيران اجهزته الامنية ضحك كثير وأثناء خطابه كان يقف عند نهايات غير صحيحة، وكان يوجه رسائل بحركاته جسده تدل على انه لم يكتسب اي خبرة في فن الخطابة بعد 11 سنة في وجوده بالحكم واقل ما توصف بالاستفزازية لاهل درعا ولكثير من السوريين.
10- تزايدت المجازر في مدينة درعا واللاذقية، فشكلت حكومة جديدة وهنا ايضا ظهر في كلمة توجيهية امام موظفيه (وزرائه) فكانت مقطعة ممنتجة لاخفاء ضحكاته.
11- قررت الحكومة رفع حالة الطوارئ ووقع على ذلك واصدر مرسوم جمهوري بذلك، فقتل في اليوم الثاني اكثر من 120 ضحية برصاص قوات الامن بمختلف المدن والمحافظات.
12- دخلت الدبابات مدينة درعا، بانياس، حمص، تلكلخ في ظاهرة غريبة على الشعب السوري والعالم في مواجهة متظاهرين مدنيين سلميين.
13- عدد الشهداء الذين سقطوا الى الآن اكثر من 1200 شهيد، والمعتقلين اكثر من 11000 معتقل، ومن بين الشهداء اطفال قتلوا تحت التعذيب، ونساء قتلن رميا بالرصاص الحي، الى تاريخ كتابة هذه التدوينة.
14- وجهت له دول الثمانية رسالة اظن انها الاخيرة، اما قيادة الاصلاح الديمقراطي في البلاد، او الرحيل.

النقاط التي تقدمت هي نقاط قليلة جدا مما يمكن ان تكون، والتي تدفعني للتأكيد على ان بشار الاسد فعلا قائد تاريخي، وانت عليك ان تقرر في اي مجال.

الخميس، 26 مايو 2011

حماة الديار ... النفوس الكرام


يحتل الجيش السوري المرتبة الرابع عشرة عالميا والثانية عربيا بعد مصر من حيث تعداد افراده، ويعتقد ان 15 بالألف من الشعب السوري أفراد في هذا الجيش وهو عدد كبير اذا قارناه بالجيش المصري الذي يمثل 5 بالالف من الشعب المصري، تبلغ ميزانية الجيش السوري تقديريا ما بين 800 مليون ومليار دولار سنويا، اي ما يعادل تقريبا 6% من الدخل القومي السوري، واقوى اقسامه هي سلاح المدرعات وسلاح الصواريخ.

 تمويل الجيش السوري الاساسي هو الشعب السوري، فهناك ما يسمى رسم المجهود الحربي وهو نسبة يدفعها المواطن السوري من اي رسوم اخرى يدفعها في اي مؤسسة او معاملة حكومية، ومعظم افراد هذا الجيش هم من المجندين الذي يقضون اكثر من عامين فيه كخدمة عسكرية الزامية، والباقي هم العسكريون الدائمون مقسمون الى ضباط وصف ضباط ويكونوا من خريجي الكليات الحربية باختلاف اختصاصاتها.

في الثورة السورية السلمية الشعبية قام النظام السوري بادخال الجيش ليكون طرفا في الاحداث التي تدور هناك، وحاول تصوير المظاهرات المطالبة بالديمقراطية على انها مسلحة ومذهبية، ولكن تأكيد الناس على سملية مطالبهم وتوثيق تحركاتهم، وضبط النفس من قبلهم اثبت ان من يقوم بالاجرام في حق المتظاهرين ليس الجيش، ولكن فئة قليلة منه والتي تساند رجال المخابرات والعصابات المسلحة التي جندها النظام لقمع المتظاهرين.

كل ما تقدم دفع صفحات الثورة السورية الى تسمية هذه الجمعة بجمعة حماة الديار، للتأكيد على ان الشعب السوري ليس ضد الجيش او اي فئة اخرى بل هو ضد النظام الذي استغل الجيش لمصالحه كما استغل الشعب لمدة طويلة، ولتأكيد على ان الجيش السوري سيظل يمثل الكرامة السورية، والعزة، ولدعوة افراده لكي يقفوا الى جانب الشعب لا بترك سلاحهم واماكن خدمتهم، بل بعدم الانجار وراء النظام ليكون السكين التي تقطع جسد الامة والوطن.

اتمنى ان تصل دعوتنا لجميع افراد الجيش، دعوتنا السلمية، وثقتنا بأن معظم افراد الجيش السوري ضباطا وصف ضباط ومجندين سيثبتون انهم من الشعب وللشعب، لنكون معا يد واحدة والنفوس الكرام.

سوريا: الدبابة والكوميديا السوداء


بعد تزايد المظاهرات السلمية الشعبية التي تطالب بالديمقراطية في سورية، وفي لحظة شعر بها النظام بخطرها على بقائه دفع بدباباته  اولا الى مدينة درعا وما حولها في سهل حوران فبانياس وبعدها حمص وتلكلخ ومناطق أخرى، هذا الواقع المؤلم المتمثل في دخول هذا الكم الهائل من الدبابات الى المدن خلق نوعا من الغضب والحزن والآسى لاستخدام القوة المبالغ فيها ضد أناس مدنيين عزل سلاحهم هو حناجرهم التي ارتفع صوتها بالمطالبة بحقوقهم في الحرية والمساواة، بالاضافة الى الكذب الاعلامي المركز عن طريق القناة الرسمية والقناة المرادفة والابواق على الفضائيات هنا وهناك، انتشرت الكوميديا السوداء لتعبير عن هذا الواقع المرير، لعجز الشعب وبشكل صريح عن التحدث عما يحدث، فلجأوا الى آدب النكتة التي يستخدمها الناس عادة سلاحا ضد الثالوث المحرم (السياسة، الدين، الجنس).

بدأت النكات تعكس الثورة السورية وما فيها بشكل واضح في الايام الماضية، فظهرت صفحات على الفيس بوك متخصصة فقط في النكتة السوداء، واكثر الصفحات التي احببتها هي: مغسل ومشحم حمص الدولي للدبابات ورابطها هو : http://bit.ly/jRuNrv ، وبدأ المصمون بابداع ملصقات تتهكم فيها على ما يحدث ومن ما احببت ايضا في هذا المجال الصفحة: http://on.fb.me/luJnZ9 والتي تحوي على الكثير من البوسترات الرائعة.

ان انتشار هذه النكات وبشكل سريع هو دليل على السخط الشعبي من سلوك النظام الوحشي، وان ما كانوا يوصفون بالاغلبية الصامتة بدأت ايضا باظهار التعاطف مع اخوتهم في المدن المحاصرة، ورفضا للاعلام السوري الكاذب.

وسأكتب هنا بعض مما أعجبني في صفحة مغسل ومشح حمص الدولي للدبابات:
* مسلسلات رمضان القادم :
( للكبار فقط ) : دبابة في سريري
( بيئة شامية ) : دبابة الحارة
( الحب و الغرام ) : القذيفة الحمراء
( تراجيديا ) : يوميات دبابة مندسة
( فانتازيا ) : ليلة القبض على الدبابة
( منوع ) : مطلوب دبابات
و سيتم التصوير في باب السباع أو الخالدية أو بابا عمرو، حسب المكان الذي تكون فيه نسبة الدبابات و المندسين أكتر.
بطولة : مجموعة من المندسين
تأليف : حمصي إرهابي
إخراج : محمد السلفي
*عاجل: أعلنت وزارة النقل عن نيتها منح إجازات سوق دبابات للعميان الله يستر
*تعلن شركة الامارت السورية المندسة عن وصول مجموعة من الدبابات السبيشل مواصفات خليجية (بندرية) ومع كل دبابة شفقة هدية اشتري الان ولا تتردد.
*وراء كل مندس عظيم، دبابة.
*دبابة مندسة خيراً من الف شبيحية.
*احدث متل : دبابة بحمص أحسن من عشرة بالجولان.
*نعلن افتتاح مصنع دبابات في المنطقة الصناعية بحمص بشراكة حمصية درعاوية.
*الدبابة يلي ما بتقدر عليها بوس سبطانتها وادعي عليها بلكسر.
*عاجل: المانيا ترسل وفدا عسكريا رفيع المستوى للتفاوض مع مغسل ومشحم حمص الدولي للدبابات، لفتح مغسل ومشحم في حمص خاص بالغواصات الالمانية المندسة.
*تشاهدون بعد قليل على قناة حمص السلفية الثانية البرنامج الوثائقي : الدبابة واقتصاد السوق الاجتماعي، وقتا ممتعا نتمناه لكم
*ياشباب بورصة الدبابات طالعة اللي بحب يبيع يلحق حالو قبل ما تنزل الاسهم.
*الدبابة الي ما تعجبك بتقصفك.
*ليس بالدبابة وحدها يحيا الانسان.
*اذا الشعب يوماً اراد الحياة...ابعتلو شي عشر دبابات.
*ان الدبابات التي في طرفها حَوَلٌ قصفْننا ثم لم يحيين موتانا.
*متل حمصي : دبابة بالشارع أحسن من قناص على السطح .
*الدبابة يلي بتعرفها أحسن من الدبابة يلي بتتعرّف عليها.
*محرك البحث غوغل يشكرمغسل ومشحم حمص الدولي للدبابات بسبب ارتفاع هائل بعمليات البحث على الدبابات وأخبارها من قبل الحماصنة.
*عرض خاص أخرج مظاهرة مع عشرة من رفاقك وإربح عشر دبابات في منطقتك.
*الرجاء من الزملاء من لديه معلومات عن طريقة الحصول على قرض شراء دبابة مستعملة أو جديدة تزويدنا به للفائدة و أي بنك هو الأفضل و ما هي الشروط المطلوبة ؟؟
*خبر عاجل : تم افتتاح باب الترشيح لمنصب أمير حمص بعد القبض على الأمير السابق، الامير المنتخب سيحصل على دبابة موديل السنة مع الهليكوبتر القديمة تبع الامير السابق.
*بشرى ساره للسلفيين اصحاب الدبابات القديمه استبدل دبابتك القديمه بأخرى جديده مع دفع فرق بسيط هدفنا رضائكم
*تم تدشين دبابه طيارة لتلاحق المظاهرات الطيارة.
*مطلوب دبابة شبح بسعر مناسب.
*الجيش السوري الالكتروني يعلن عن تصنيع اول دبابة الكترونية، مواصفاتها : مسبات وتشبيح وخلصت وفشروووو.
*هالدبابة مش عم تمشي، بدها حدا يدفشها دفشة، بتحكوا عن ورشة تصليح، و ما عرفنا وين هي الورشة؟
*فضيحة اندساسية: اكتشاف مقبرة دبابات جماعية فجرها المندسون في درعا.
*عثرت البعثة السلفية في باب السباع على بقايا ومستحاثات دبابات كرتون تعود للعصر الكرتوني الأول، وقال خبير الاثار حركوش المدسوس ان هذه المستحاثات من الممكن ان تكون شاهد على تنازع أميري حمص على الإمارة بعد اغتيال والدهما سلفي أنا وغيري لالا!!!!
*هل تبحث عن السلفية!! هل تحلم بامتلاك سلاح ثقيل!! عمرك بين السنتين والخمساوخمسين!!! لديك القدرة على قنص القناصين!!! سارع بالانضمام الى إمارة باب السباع السلفية الأولى في سوريا.
*ألف حبل مشنقة وما يقولوا بو عمر سرق دبابة يا خديجة.

اتمنى ان تكون وفقت في نقل اجمل النكات براي من تلك الصفحة، وللمزيد عليك بزياتها.