الجمعة، 14 أكتوبر 2011

البحث عن النجاح


النجاح والبحث عن النجاح يختلف من الانسان للأخر بالمفهوم والتطبيق والتقييم، فالنجاح كمفهوم قد يكون الحصول على مقدار معين من المال او الوصول الى منصب معين وقد يكون مجرد الحصول على الرزق اليومي لافراد العائلة، قد يكون عن طريق العمل القويم المتواصل او ببساطة عن طريق الخداع عن البعض اذا لزم الامر، وقد يكون النجاح في مجال معين لبعض الناس لا يعني باي حال من الاحوال نجاحا للبعض الاخر.

في ظل سعي الانسان لنمذجة ما حوله تكثر الدراسات والنظريات عن النجاح وعوامله والطرق الواجب اتباعها للوصول اليه، ففي القديم قيل: " من زرع حصد، ومن سار على الدرب وصل"، واليوم نقرأ ونسمع من هنا وهناك عن وصفات للنجاح وعن استراتيجيات يدعي اصحابها انها السبيل للنجاح، و كل موسم يطالعنا بموضة جديدة في مجال التنمية البشرية هذا المفهوم الذي يغزو المجلات والجرائد والقنوات التلفزيونية ومواقع الانترنت المختلفة، فإذا نظرنا الى آخر 30 سنة سنجد الكثير من النظريات والطرق التي تتحدث عن النجاح والوصول اليه، وكل طريقة من هذه الطرق قد تترك الانسان حائرا مرتبكا او في كثير من الاحيان غير مصدقا.

من هذه الاستراتيجات التي تابعتها وقرأت الكثير عنها: قاعدة 80/20، السر، نظرية 10000 ساعة، الكايزين، ولكل منها مريدوها، مؤيدوها وبالطبع معارضوها.

- قاعدة 80/20: وتقول ان 80 بالمئة من الاحداث يسببها 20بالمئة من الاسباب، ومؤيدوها يحاولون القياس بها على ظواهر عديدة، ففي الاقتصاد يقال ان 80 بالمئة من ثروة اي بلد في يد 20 بالمئة من السكان تقريبا، والشركات يمثل 80 بالمئة من دخلها ما يدفعه 20 بالمئة من زبائنها، وفي التنمية البشرية 80 بالمئة من دخل الانسان يأتي من 20 بالمئة فقط من جهده وينصحون من يريد زيادة دخله بزيادة جهده مثلا.

- السر: وهو فلم وثائقي يشرح ان الانسان هو بامكانه جذب الفشل او النجاح لحياته عن طريق افكاره بحسب ما يدعى قانون الجذب، فاذا فكرت بامر ما وكررت التفكير به فهناك احتمال كبير بان يحصل لك، كأن تفكر كثيرا بمرض ما فتصاب به في النهاية، او تفكر بسيارة تريد ان تقتنيها وتكررما تريدفالاحتمال كبير بان تحصل عليها.

- نظرية 10000 ساعة: وتستند هذه النظرية على دراسة قام بها الطبيب النفسي السويدي على عدد من الرياضيين والعازفين واخرين يعتبرون قمة في الاداء في مجالاتهم، وساعد في انتشار هذه الدراسة ورفها الى درجة نظرية كتاب "المتميزون: قصة النجاح" للكاتب الامريكي مالكولم جلادويل، وملخصها : "اذا اردت اتقان اي شيء لدرجة تصبح فيها خبيرا في هذا الشيء فعليك ان تتدرب على الاقل 10000 ساعة" وبمعنى اخر 10 اعوام اذا تدربت لمدة ثلاث ساعات يوميا.

- الكايزين: كلمة يابانية وتعني التحسن المستمر، وهي مجموعة مبادئ وافكار تساعد على اشراك الموظفين من ادنى السلم الوظيفي الى اعلاه في اضافة تحسين ما صغير كل يوم لتتحقق المهام او المشاريع الكبر في نهاية الامر وتحسين الظروف المحيطة به قليلا للوصول الى بيئة المثالية للانتاج، لا يقتصر تطبيق الكايزن على العمل بل ايضا على الانسان نفسه الذي يسعى الى هدف معين وذلك عن طريق الخطوات الصغيرة والتحسينات المستمرة للوصول الى هذا الهدف، حتى ان هناك نكة في اليابان تقول: "اذا لم ترى صديقا لك منذ ثلاث ايام متتالية ورايته صدفة فابحث عن ما تغيير به" وطبعا قصدهم الى الافضل.

وهكذا نرى ان النجاح والوصول الى هدف ما لا يخضع الى وصفة سحرية ثابتة، فالنجاح قد يتطلب منا سنين طويلة من العمل الشاق مع التحسين المستمر على استراتيجياتنا والكثير من الافكار الايجابية وتكرارها والبحث عن مفاتيح القوة التي ستساندنا في طريقنا، فماذا تريد(ما هدفك)؟ وكم من الوقت ستمنح لهذا الهدف؟ وهل انت مؤمن به وبما ستفعله من اجله؟ اذا هيا إبدأ فرحلة الآلف ميل تبدأ بخطوة ولتكن من اؤلئك الـ 20 بالمئة من البشر الذين يحققون احلامهم واهدافهم ويسمون أنفسهم ويدعونهم الآخرون الناجحين.

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2011

هذيان الاسبوع -1-

- وفاة سيتف جوبز: أحزنني كما أحزن الكثيرين حول العالم فقدان شخص مثله مفعم بالابداع والنشاط والحيوية، رغم اني لا استخدم ايا من منتجات شركة آبل، فجوالي من نوكيا و كمبيوتري المحمول من سيمينز ومشغل الـ ام بي 3 الخاص بي من سامسونغ، والسبب الرئيس في ذلك هو انني فقير ولا أقوى على شراء تلك المنتجات، وعلى هامش وفاته اشتعلت معركة فقهية بين من يقولون انه لا يجوز الترحم على غير المسلمين وفريق يقولون انه يجوز لان رحمة الله وسعت كل شيء، باختصار لقد فقدنا شخص اغنى البشرية بابتكارات رعاها لتصبح جزء من حياة الكثيرين.

(موسى - تعرف بستيف - سوف يطور آلواحك)

- اغتيال مشعل التمو: جاء خبر اغتياله كصاعقة على معظم السوريين كون ان وقت هذا الحدث هو بعد ايام من الاعلان عن المجلس الوطني السوري، وكونه وحشيا بكل معنى الكلمة وفي يوم جمعة تسمى المجلس الوطني يمثلني (ولي شرف ان اكون اول من دعى الى تسميتها بهذا الاسم حرفيا بعد اعلان هذا المجلس بخمس دقائق فقط على حسابي في تويتر)، بالرغم من المعطيات الفقيرة عن الاغتيال ومن قام بالاغتيال، فرضت علينا تجاربنا وقناعاتنا بان النظام السوري بدء رحلة اغتيال قيادات المجلس الوطني تماما مثل ما اغتال بعض من قيادات اللبنانية المناهضة للوجود السوري في لبنان، نفس الاسلوب ونفس الادوات ونفس التفكير دائما ما تدل على المجرم في العلوم البحث الجنائي، فنرجوا من السادة المحترمين في المجلس الوطني السوري اخذ الاحتياطات الضرورية.

- ازمة الديون اليونانية: شهدنا الاسبوع الماضي وما قبله هبوط سعر اونصة الذهب بنسبة 7 بالمئة تقريبا، وهبط اليورو مقابل الدولار الى اقل من السعر المسجل منذ 8 أشهر، وخلاصة القول ان ازمة الديون هذه ليست مقتصرة على اليونان وحدها فهناك تهديد ايضا من ديون ايسلاند والبرتغال واسبانيا حتى بعض اقتصاديات اوروبا القوية كايطاليا وحتى فرنسا، طبعا اخوتنا من مناصري الصيرفة الاسلامية علقوا السبب على الربا كالعادة، ام اصدقائنا من المحللين الماليين في اوروبا وامريكا فعزوا السبب الى ان الاتحاد الاوربي لم يصل بعد على التناغم والانسجام ما بين دوله من ناحية السياسة المالية مما عقد عملية انقاذ ما يمكن انقاذه من هذه الاقتصاديات عبر قروض ومساعدات من صندوق الانقاذ او عبر البنك المركزي الاوروبي.

- مجزرة ماسبيرو: مشاعر من الصدمة والحزن والغضب تلبستني عندما شاهدت الصور القادمة من القاهرة للنزاع الذي نشب بين الجيش المصري ومتظاهرين مصريين يطالبون بحقوقهم الدينية التي يتلاعب بها على مدار سنين طويلة وسقوط ضحايا نرجوا لهم الرحمة والمغفرة، وما اغضبني اكثر هو كلام الرعاع من الطرف الاخر والتهييج ضد هؤلاء المتظاهرين وتكفيرهم وتهديدهم بحياتهم وبرزقهم، باختصار بعد سقوط طاغية مصر على احرار مصر اسقاط طواغيت مصر الكثيرين.

- قناة نسمة وكلية الآداب: عدة أشخاص من الغاضبين قرروا الانتقام من عميد كلية رفض تسجيل طالبة منقبة، فما كان منهم الا الانقضاض على الكلية بغزوة مباركة، واذا افترضنا ان ادارة الكلية تحت ضغط هؤلاء استجابت وسجلت الطالبة، ماذا سيكون ردهم اذا ما فرض على الطالبة كفرض دراسي ان تقرأ وتلخص رواية تحتوي على مقاطع والفاظ جنسية مثلا؟ ربما سيكون جزاء الكلية الحرق. وطبعا مثل قناة نسمة التي عرضت فلما كرتونيا عن الاضطهاد الديني في ايران التي فوجئ من فيها بالمجاهدين يغزونها ويحاولون حرقها بدعوا ان الفلم مس بالذات الإلهية وبالاسلام، في كلتا الحاليتن تم تناسي القضاء تماما وكان الذراع هو المحكم الرئيسي في القضيتين.

- اعتراف المجلس الانتقالي الليبي بالمجلس الوطني السوري: قرأت في صغري حديثا قدسيا ما زال يرن في اذني كل يوم تقريبا: "مكتوب في الانجيل كما تدين تدان، وبالكيل التي تكيل تكتال"


والي اللقاء في هذيان آخر في اسبوع آخر

الاثنين، 3 أكتوبر 2011

انسان معاصر

وقف في الشارع وحيدا، عقله عاجز عن التفكير، وخياله اضحى صحراء قاحلة، اخرج سيجارته الاخيرة في علبة السجائر، اشعلها ومع كل قبلة لتلك السيجارة كان هناك زئيرا عظيما مكبوتا في الحشايا.

- الى أين سأذهب؟ ماذا سافعل؟

فجأة هاجمته الافكار، التخيلات، والاعباء التي تثقل كاهله، صور من طفولته ومراهقته ومرحلة دراسته الجامعية وحالته الحالية في العمل والبيت، كلها دفعة واحدة بآلامها وأحزانها.

- لماذا حدث كل هذا معي؟ متى ستنتهي وحدتي؟

مرت دقائق طويلة مستغرقا في التفكير، لم يتنبه الى طول هذه الدقائق الا عندما انتهت تلك السيجارة اليتيمة رمادا تتناثره الرياح.

- الى متى وانا اعيش الخوف والرعب في حياتي؟

راح يفكر بمديره المتنمر في العمل وكيف هدده اليوم بالفصل بعد ان وظفوا ذلك الشاب الجديد ذو الراتب المنخفض والذي يتمتع بالطاقة والحيوية التي فقدها هو على مر السنين الطويلة ويحمل شهادة جامعية اعلى من شهادته الجامعية واكثر تخصصا.

- كان علي ان اعمل على تطوير نفسي، ولكن كيف كنت سأحصل على وقت لذلك؟

سمع صوت زوجته وهو يهدر كلعادة في رأسه ويردد نفس الشكاوى والتجريح، تقرعه على عدم ترقيته في وظيفته وراتبه الشهري منذ اعوام طويلة، عن الاولاد المحتاجين للباس والغذاء والترفيه.

- لم يقل لي احد كلمة شكرا منذ زمن بعيد رغم اني عملت على مدار خمسة عشرة عاما كساعة.

راجع شريط حياته فلم يجد فيه الا الاستيقاظ في السادسة صباحا ليلحق بعمله ومكالمات الهاتف التي لا تنتهي من العملاء وطلباتهم السخيفة والتنمر والاستئساد من المدراء الذين كانوا فوقه على مر هذه السنين، والعودة الى بيت عند السادسة مساء ليقابل بجبل من عدم الشكر وطلبات العائلة التي لا تنتهي لينام وهو خائف من الاستيقاظ مجددا.

- كم اتمنى ان تنتهي حياتي، ربما وجدت قليلا من الراحة في قبري.

فجأة اخذ يبكي كطفل صغير، اخذ يشهق مع كل دمعة، يحاول مع كل زفرة استجماع ما تبقى من انسانيه.

- لقد اكتفيت، ولكن ما علي فعله؟

لحظات من الصمت.

- آه، لقد تأخرت على البيت، لقد اشتقت لابتسامة اولادي.