الاثنين، 18 يوليو 2011

السوريون وصندوق باندورا


كنت وما زالت اعشق قراءة الاساطير الاغريقية القديمة واعيد قراءتها مرة بعد المرة، ومن هذه الاساطير الاسطورة التي تتحدث عن باندورا التي اراد ان ينقم زيوس من زوجها واولئك الذين يخلقهم هذا الاخير من البشر بسبب سرقته لنار مقدسة من الجنة وتعليمه للبشر كيفية استخدامها، فاهداها صندوق وذلك بشرط ان لا تفتحه، ولكن حب الاستطلاع عند المرأة جعلها تفتح هذا الصندوق لتخرج منه مشاعر الانسان وكل الشرور المتعلقة به من حروب واجرام ومجاعات وامراض ومن هول الصدمة التي المت بباندورا مما رأت اغلقت الصندوق ليبقى فيه فضيلة الامل.


تعلمنا هذه القصة ان الانسان يعيش في هذا العالم بكل ما فيه من شرور ومعاناة والفرق بين هؤلاء البشر هو الامل الذي يعطي النجاح والرفعة للبعض ممن يتمسكون به ويعطي الدرجة السفلى لمن لا يتمسكون بهذا الامل.

في شهر شباط/فبراير من هذا العام انتشرت دعوة على الفيس بوك لانطلاق ما يسمى يوم الغضب السوري في الخامس عشر منه، هذه الدعوة لم تلقى اي استجابة من السوريين ومرت هذه الدعوة بدعوات مضادة من مفكرين ومثقفين وحتى رجال دين يعتبرون في هذه الايام مؤثرين بالاحداث التي تجري اليوم، لقد كان فتح صندوق باندورا في الثمانينيات وما رافقه من مجازر وشرور شاخصا امامهم، كما ان اغلاقه في وقتها كان قد حبس الامل في ان تنتقل سورية مما هي عليه من ارتهان للبعث وآل الاسد الى سورية المدنية الديمقراطية.

وجاءت دعودة جديدة ليوم غضب جديد وذلك في شهر آذار/مارس من هذا العام في الخامس عشر منه، كذلك حذر الكثيرون من ان يخرج الناس في اي مظاهرات وذلك تحت ضغط الذكريات وآلمها، لكن هذه المرة رافق هذه الدعوة أحداث جعلت السوريون يستجيبون لهذا النداء، كان منها المظاهرة التي خرجت في سوق الحميدية والتي تنادي بالحرية وتضم اقل من 50 شخصا، ووقفة الاحرار امام وزارة الداخلية للمطالبة بالافراج عن المعتقلين السياسيين وطريقة اعتقال هؤلاء الوحشية، بالاضافة الى السبب الرئيس في مدينة درعا والمظاهرات المطالبة بالافراج عن اطفال بعمر الزهور اعتقلوا بسبب كتابتهم شعارات مناهضة للنظام السوري فسقط شهيدا من سقط وجرح من جرح واعتقل من اعتقل، لقد فتح السوريون صندوق باندورا مرة أخرى.

نحن الآن في بداية الشهر الخامس من الثورة السورية السلمية التي امتدت الى كافة انحاء الوطن السوري، اكثر من 2000 شهيد قتلوا بوحشية وبدم بارد وبنيران قناصة، اكثر من 20 آلف من المعتقلين والمغيبين قسريا، واكثر من 6000 جريح، دماء وآلام وأحزان في قلوب ذويهم واصدقائهم وجيرانهم وكل السوريين، كل يوم يسقط العشرات وذلك في سبيل الحرية والكرامة والعزة.

الثورة السورية اليوم امام تحديات اهمها رد الفعل العربي المشبوه الاخرس ورد الفعل الغربي الضعيف وموقف روسيا والصين الغير انساني، والاعلام المنافق التابع لبعض مرتزقة النظام السوري ومن يدور في فلكه ومن يهاوده، وامام النظام السوري الذي يسعى بكل طاقته لتحويل السلمية التي صبغت التحركات الشعبية الى الدموية والمواجهات الطائفية وآخرها كان بالامس في مدينة حمص، لكن الامل في مستقبل مشرق مزدهر لسورية هو من يحرك الجماهير في مظاهراتها لاسقاط النظام واستبداله بالنظام الديمقراطية المدني الذي يحفظ للانسان السوري كرامته.

الشعب السوري الذي يتظاهر في الشوارع والازقة في المدن والقرى يعلم جيد من خبراته السابقة ان اي توقف او تراجع او مهادنة مع وعود النظام الخلبية هو اغلاق لصندوق باندوا خاصتهم ولكن بنفس الوقت هو حبس واخفاء للامل لمدة خمسين سنة قادمة، فهو مصر على الاستمرار حتى النهاية متسلحا بالامل والتصميم على الحياة الكريمة او الموت الكريم.

هناك 3 تعليقات:

  1. امر مؤكد لا محالة , اي تراجع ولو خطوة للوراء ستكون اول خطوة نحو الهاوية .
    باذن الله سنجبر الدول كلها على تغيير مواقفها , فثورتنا سلمية حتى اخر لحظة وهذا الامر لن يدع لأي احد ماء وجه ولو قليل ليحتفظ به امامنا بعد انتصار ثورتنا مستقبلا باذن الله

    ردحذف
  2. وسنبقى نفتح صندوق باندورا الواحد تلو الآخر ،في كل يوم وفي كل جمعة ,, ومع كل صندوق يُفتح ستفتح عقول أخرى من الصامتين ، وستتغير آراء وردات فعل كثيرة كالدول الداعمة ,,
    وأخيراً لا أزيد على جملتك هذه عن الحراك الشعبي :
    ( فهو مصر على الاستمرار حتى النهاية متسلحا بالامل والتصميم على الحياة الكريمة او الموت الكريم )

    ردحذف
  3. حلوة قصة البندورة ومعبرة

    ردحذف