اسبوع واحد يفصلنا عن بداية الشهر الرابع من عمر الثورة السورية السلمية التي انطلقت من منتصف شهر آذار/مارس الماضي، قدم خلالها الشعب السوري صور ناصعة عن التضحية والمدنية، سقط خلالها اكثر من 1250 شهيد موثق والعدد هو اكثر من ذلك و سجن وخطف اكثر من 12000 ثائر ضد الظلم والطغيان وبالمقابل لم يلجأ الى العنف او الانتقام الا في حالات معدودة ومحدودة اكثر ما توصف به انها فردية خرجت عن سياق توجه جماهير الشعب السوري السلمي.
ان وضع الثورة السورية مختلف عن وضعها في باقي الدول العربية، فلمتظاهرين عجزوا عن ايجاد مكان للاعتصام يكون رمزا لنضالهم كما حدث في مصر فكل محاولة من المتظاهرين كانت تنتهي بمجزرة مروعة كمجزرة المسجد العمري في درعا ومجزرة ساحة الحرية (الساعة الجديدة) في حمص، ولم تنتشر المظاهرات في مدينتي دمشق وحلب كما انتشرت الثورة التونسية من المدن الصغيرة الى العاصمة فشكلت هاجسا للسلطات هناك، ولم نشهد احتجاجا من المسؤولين السوريين او الدبلوماسيين على المجازر التي ارتكبها النظام بالاستقالة او حتى الادانة كما حصل في ثورتي اليمن وليبيا.
ولم تدعم الثورة السورية خارجيا، فمعظم زعماء العالم لم يدعوا صراحة الاسد للمغادرة او نقل السلطة ولم يقولوا حتى كلمة "لقد فقد الشرعية للحكم"، بل على العكس اعتبروه اصلاحيا ودعوه للاسراع في عملية الاصلاح، حتى تغير رأيهم تحت ضغط نضال الشعب السوري الاعزل بعد مدة طويلة وتضحيات عزيزة وغالية، فمرر اخير امس قرار يدعو الى ادانة النظام السوري.
ان كل ثورة شعبية تعتمد بشكل كبير على اتساع رقعة مناصيرها من الشعب، وانهيار النظام الحاكم، وتوجهات قوات الامن والجيش التابع لهذا النظام، بمحاولة قراءة الواقع السوري نجد ان الثورة السورية انتشرت في معظم انحاء الوطن ولكنها لا تزال اضعف في كل من دمشق وحلب وما زال النظام يراهن على تلك المدينتين، والنظام السوري لم ينهار بعد بخروج من فيه عليه وصعقنا باستقالة السفيرة السورية في فرنسا وصعقنا اكثر بتكذيبها بعد ساعة وبعد ان اعتبرها الكثير الحجرة الاولى في انهياره، ولكن بعد تكذيب هذا الخبر اقنع الكثير بان هذا النظام استطاع ايضا بناء شبكة دبلوماسيين مرتبطين به عضويا بشكل يصعب معه الخروج عليه، وقوات الامن والجيش من جهة اخرى الا في حالات نادرة لم توثق الى الآن ما زالت تدعم النظام السوري بكل قوتها وشراستها المعروفة.
نستطيع ان نقول ان الشعب السوري الخارج ضد النظام هو وحيد في ساحة نضاله، الرهان الوحيد فيه على الوقت والتضحية، فمزيد من الاحتجاجات والمظاهرات لمدة طويلة ستنهك النظام اقتصاديا وسياسيا ومعنويا، واجرام هذا النظام هو من سينهك النظام اعلاميا وقانونيا، الثمن الذي سيدفعه الشعب السوري اذا ما استمر في محاولته لسقاط النظام مرتفع جدا بالمقارنة مع باقي الثورات العربية، ولكن على ما يبدو فان الشعب السوري ماض في سعيه لنيل الحرية.
شكرا واليك بعض التوضيحات ..لاينطبق على العصابة الحاكمة ماينطبق على غيرها من العصابات الحاكمة فحتى لو استقالت كل الفعاليات الدبلوماسية لن يهتز للنظام شعرة لأنها فقط واجهة لاحول لها ولا قوة اللهم الا التأثير الأعلامي لذلك والذي من الواضح أن العصابة لم تعد تأبه له وتركته ورائها لصعوبة كسب معركته مع كل الحقائق المعلنة والمفضوحة ...أما عن دمشق وحلب فايضا دمشق يختلف وضعها عن حلب حيث أن ريف دمشق بالحقيقة يسكنه أغلبية دمشقية الأصل وهميشاركون مع اخوانهم بالمظاهرات وكثير من شباب دمشق يذهبون الى الريف للمشاركة وذلك لصعوبة الأمر ضمن مدينة دمشق ...على كل النعصابة الحاكمة ..ماتزال قوية ومازالت الأموال والرجال تأتيها من ايران وحزب اللات والتأييد السياسي من العرب والعجم ....المعركة طويلة وتحتاج الى صبر وثبات ...وكلما ازدادت تضحيات الشعب السوري كلما يتراجع التأييد للعصابة داخليا وخارجيا ...والله معنا على الظالم
ردحذفمعك حق حيث أنه فعلا من الملاحظ أنه كلما زاد بعد شكل الدولة و أجهزتها عن شكل الدولة الحقيقي (أي دولة المؤسسات) بحيث يكون هناك تماهي بين السلطة و الدولة و تماهي آخر بين السلطة و شخوص تلك السلطة فان الاتساع العامودي و الافقي للثورة يكون أبطأ بكثير و ذلك لضحالة الثقافة المؤسساتية لدى المجتمع و عجزهم عن تصور البديل و الخوف من المجهول لارتباط الدولة في اذهانهم بصورة الحاكم و لكن من ناحية أخرى فان انهيار السلطة و تفككها في ذلك النمط من الدول يكون سريعاجدا و مدويا جدا مجرد أن يبدأ لذلك و ان بدا النظام السوري الان (الحقيقة أنا لا اسميه نظام بل سلطة عائلة في دولة بلا نظام) فانه من ناحية أخرى على شفير الهاوية و لا أحد غير الله يعرف متى يبدء التفكك الأول فيه و لكني على ثقة انه مجرد أن يبدء التفكك فانه سيستمر سريعا و ضخما لدرجة عدم القدرة على متابعته لذلك يجب التركيز من الان على العمل على تصور الاطر المؤسساتية و التشريعية للنظام القادم و الدولة القادمة تجنبا لكوارث قد تطيح بحلم بناء دولة حقيقية .
ردحذفكفاكم مقالات تهبط من عزيمة الثورة السورية ولنكن صادقين مع انفسنا فمثل هذا الكلام نقرا بين سطوره نهاية للثورة السورية
ردحذفأزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذف