النظام السوري ومنذ وعيي على هذه الدنيا واسمعه يتكلم عن المؤامرة الخارجية والمتأمرين في الداخل، اسمعه يتحدث عن الامبريالية والصهيونية التي تريد النيل منه قادمة من الخارج وعن الرجعية التي تريد للوطن العودة الى العصور الحجرية وهي كامنة في الداخل.
ملايين الكلمات كتبت في الجرائد والمجلات الرسمية، ملايين الكلمات رددت على أثير إذاعة دمشق وتلفزتها، وملايين الكلمات في كتب القومية العربية الاشتراكية التي تدرس في المناهج السورية بداية بالمرحلة الابتدائية وانتهاء بالمرحلة الجامعية، كلها تؤكد على ان النظام السوري هو قلعة الصمود والتصدي وهو الممانعة وهو الخط الاخير في الدفاع عن العروبة والقومية العربية، وكلها تؤكد على حكمة القيادة وشراستها في الدفاع عن الوطن بمكتسباته التي قدمها للشعب.
دائما يتحدث النظام عن نجاحه الباهر في بناء سورية الحديثة، سورية القوية، سورية التي لا تقهر، سورية العزة والعروبة والإباء، لم يتحدث ابدا مرة واحدة مسؤول سوري ولو كان صغيرا ليعترف بأخطاء النظام او ليدل على خطأ ما، وان خرج واخبرنا بخطب ما فمرده دائما الى الامبريالية والقوى الرجعية والوضع الراهن والوضع الاقليمي والضغط الدولي، دائما هناك هاتين الشماعتين: الخارج الامبريالي الصهيوني والداخل الرجعي المتعامل مع الخارج.
ولم تخرج حركة الشعب السوري السلمية عن هذا الاطار، فبندر بن سلطان وسعد الحريري وجورج بوش الاب والابن والامبريالية الامريكية والاوروبية والصهيونية وتركيا الخائنة وعملائهم في الداخل السوري هم من يقفون وراءها، وبالتالي هي ليست نتيجة سياسية انتهجها هذا النظام وأخطاء بالجملة اقترفها على مدار اربعين عاما واكثر.
خطاب اول وثاني وثالث، مؤتمر صحفي لوزير الخارجية، وفريق عمل إعلامي شبيح على القنوات الفضائية، والاجماع هو المؤامرة الخارجية ومساعدة من قوى الرجعية في الداخل.
في كتاب "خمسون سر من اسرار الاقناع" وهو من منشورات مكتبة جرير، يتحدث فصل من فصول الكتاب عن معالجة الأخطاء التي تقع بها الشركة وعن كيفية تفسير هذه الاخطاء للجمهور والعامة، وملخص هذا الفصل يؤكد استنادا على تجارب عميقة ودراسات تتعلق بشركات عديدة ان الشركات التي تعترف بأخطائها وتنسبه الى الشركة نفسها او الى اشخاص فيها وتضع خطة لتصليح هذه الاخطاء غالبا تكون الأكثر اقناعا واحتراما وتقدير من جمهورها بعكس لو نسبت اخطاءها الى قوى او تأثيرات خارجية.
وبالعودة الى النظام السوري، نجد انه ما زال يتبع المنحى الثاني الذي شرحناه بالاعلى، فكل ما يحدث ليس الا نتيجة الاخر الخارجي والحدث الخارجي، ولم يعترف الى الآن انه هو السبب، هو السبب لتأكيده على خيار القمع والاجرام والكذب، هو السبب لتأكيده على الاستئثار بالسلطة والاستفراد بها، هو السبب لحمايته للفاسدين واللصوص والخارجين عن القانون.
على النظام السوري ان يعترف بانه هو وحده المسؤول عن ما يحدث، على النظام السوري الحالي ولتوفير الدماء والتضحيات والآلام التي ستنتج عن اقتلاعه ان يقود هو عملية الانتقال السلمي للسلطة ليذهب بعدها غير مأسوف عليه وربما سيسامحه عندئذ الشعب السوري، واذا اصر على ما هو عليه سيكون النظام هو خارج حركة التاريخ وحركة العلم وحركة الانساينة، وهو ما زال يصر على استخدام ادواته القديمة المتهالكة، وسيكون خارج حسابات المرحلة القادمة.
مية بالمية, يلي بيدوخني أنو في عالم بتصدق النظام من قلبها, بس برجع بقول هدول العالم لما يتغير بيصيروا يعملو نفس الشي للنظام الجديد. حالة تعبانة
ردحذفمقال ممتاز