السبت، 25 فبراير 2012

افكار من وحي الثورة السورية

الثورة السورية كانت مستحيلة، حطم استحالتها شباب يحلمون بالحرية، بدؤوها في اسواق دمشق القديمة، عززتها درعا، واستلمت مشعلها اللاذقية، لتعم سورية وتستقر آخير في حمص وادلب لتصبحا معا عيني الثورة البراقة.

الجميع يبحث عن جهة تكون المسؤولة الوحيدة عن المجازر بحق الشعب السوري، المتهم الاوفر حظا هو النظام، ولكن مهلا، نحن جميعا نتحمل هذه المسؤولية بشكل او بآخر.

البعض يريد سورية اسلامية، البعض الاخر علمانية، والاغلبية غير مهتمة اصلا، ونسينا ان البلاد لا يعمرها الا العلم والمعرفة والقانون واحترام انفسنا والاخرين.

كل يوم نشاهد مباريات التقاذف بالكلمات والاتهامات، المجلس الوطني السوري يتهم هيئة التنسيق الوطنية بالخيانة، وهيئة التنسيق الوطنية تقول ان جماعة يمينية صادرت المجلس الوطني لصالح اجندتها، وفي كل يوم يتأكد لنا انهم عاجزون عن فعل اي شيء لصالح المواطن السوري الذي انتفض لكرامتنا جميعا ويضحي بماله ودمه وكل شيء في سبيلها.

هناك شجعان تحدوا امكانية موتهم وفنائهم، انشقوا عن الجيش رفضا منهم قتل اخوانهم، واسموا انفسهم الجيش الحر، احيي فيهم شجاعتهم وغيرتهم على الوطن والشعب، ولكن ارجوكم ابتعدوا عن الاحياء السكنية.

اخوة لنا مازالوا على عهدهم مع قائدهم، يربطون مصيرهم بمصير شخص واحد، وينسون ان مصيرهم هو مصير كل الشعب السوري الواحد، ارجوكم لا تجبرونا على تسميتكم بالشبيحة.

الحل الوحيد للخروج من ازمتنا هو الحوار، ولكن الحوار يلزمه ارضا صلبة ونقاط قوة، ودائما ما تكون استراتيجية رابح/رابح هي الافضل، والحلول الوسط هي حلول الشجعان والنبلاء، الوقت لم يحن للحوار، والحوار افضل بكثير من التسلح ومبدأ الفعل العسكري ورد الفعل العسكري.

الثورة السورية تدخل عامها الثاني، اذا هي ثورة اصيلة، ليست زوبعة في فنجان، او مجرد هوشة جائعين، هي ضمير وطن لم يعد يحتمل التهميش، هي مستقبل كاد ان يختفي وراء سنوات من الفساد، هي حلم يكاد ان يتحول الى حقيقة.

افكار اغترابية مبعثرة

الصراحة انه لا صديق لي ابدا، كل ما املك في هذه الدنيا من علاقات لا تتجاوز حدود المكتب الذي اعمل فيه، او حدود العلاقات الاسرية التي لا توصف الا بعلاقات عن بعد.

في هذه المدينة الكبيرة، كل الناس يركضون ويلهثون خلف همومهم ومشاغلهم، بالكاد يلحظونك اذا ما كدت تصطدم بهم او يصطدموا بك، حتى انهم في تلك الحالتين لا يلحظون وجهك بتفاصيله، فقط كشبح يحيدون عنه ليكملوا طريقهم في الحياة.

الوحدة علمتني الكثير من الهويات المفيدة او حتى الغبية، فقراءة الكتب المختلفة علمية، ادبية، او حتى دينية ولا يهم اي دين بالطبع، الاستماع الى الراديو، او في اوقات نادرة مشاهدة مباريات فريق برشلونة في المقهى كوني لا املك تلفازا اصلا، ولكن في النهاية ليست هذه الهويات شغف في حد ذاتها، انما امور تبعدني عن ما قد يتحول الى ادمان او طريق مهلك غير سوي.

اكثر ما يشغل بالي هو وجبات الطعام، فالطبخ ليس جزئي المفضل، ولكن تحت ضغط الحياة وخاصة غلاء المعيشة، اصبحت اهتم بطبخ، واتخذت معلما لي، وهو السيد يوتيوب، فلقد علمني تحضير معظم وصفات المقبلات تقريبا، وطبخ الارز بالشعيرية والفاصوليا البيضاء على الطريقة الاردنية او الفلسطينية لان اليوتيوب لا يعرف طريقة امي السورية.

الغربة لم تعد هاجسا، لقد اخذت انظر اليها على انها الوطن، لم يعد يعني لي الوطن الاصلي الا ذكرى جميلة بعيدة بصور مشوشة بغباشة الزمن، حتى وطني الحالي لا اعتبره ايضا كوطن، الغربة كما قلت هي الوطن، وطن احمله بقلبي اينما ذهبت وحللت.

بعد هذه المدة الطويلة من الابحار منفردا في قارب الحياة، فكرت بان ارسوا على شاطئ امرأة ما، لاعيد قاربي الى وسط البحر مع من يساندني ويبتسم في وجهي، تذكرت فجأة ان المرأة الوحيدة التي اعرفها او بالاحرى اتكلم معها، او بالاصح التي احييها كل صباح هي مديرة احد الاقسام في شركتنا وعمرها تجاوز الخميسين بالاضافة الى كونها متزوج وام لشابين، اذا علي قبل ان افكر بالمركب والشاطىء، ان اتعلم فن الابحار وقراءة الخرائط البحرية.

كل يوم عندما اخلد الى فراشي، اقول لنفسي: "انه وقت النوم، وقد لا تستيقظ منه نتيجة تحوله الى نوم ابدي، لماذا اذا كل التفكير بما قد لا يمر عليك غدا ابدا، افترض ان لا غد سيآتي، استرخي ونم بسعادة وعمق وكانها الليلة الاخيرة".