الاثنين، 23 مايو 2011

العقوبات الاقتصادية ... خارجية او داخلية ... ام معا


اعلن اليوم الاتحاد الاوروبي توسيع عقوباته لتشمل رأس النظام السوري ونائبه ونائب هيئة الاركان، وذلك بعد أيام من توسيعها من قبل الادارة الامريكية، ومن الملاحظ ان هذه العقوبات ليست موجهة الى النظام السوري ككل، ولكن الى من تظن الادارتين الاوروبية والامريكية يقفون وراء العنف ضد المتظاهرين السوريين السلميين المطالبين بالديمقراطية.

بعودتنا الى ثمانينيات القرن الماضي نذكر جيدا الحصار الاقتصادي الذي فرض على سورية، هذا الحصار الذي أضر بمعظم الشعب السوري وافلت منه من كانوا في السلطة، ومرت سورية بأيام سوداء كان ابناء الوطن يقفون طوابير على ابواب المؤسسات الاستهلاكية للحصول على علبة سمن او قارورة زيت، او للحصول على كيلو من البندورة، حتى كانت هناك طوابير على المناديل الورقية.

تلك السنين الطويلة علمت الشعب السوري كيف يعيش ويتكيف مع هذا الحصار، فكانت الحدود على الدول المجاورة هي نافذة الفرج بالنسبة لهم وخاصة اللبنانية بحكم تواجد الجيش السوري داخل لبنان، فالتهريب عرف اياما ذهبية ابتدأ من السمن والزيت وحليب الاطفال والسجائر وانتهاء بالادوات الكهربائية وحتى السيارات التي كانت ترعب الموطنين في شوارع اللاذقية وطرطوس وجبلة وبانياس  بزجاجها الاسود وبدون لوحات رقمية تدل على منشأها او من اين اتت.

هذا الحصار ضخم ثروة من في السلطة، وكبار الضباط والعسكريين، وخلق واقعا جديدا غير المشهد الاقتصادي السوري، باضافة الى صدور القانون عشرة الخاص بالاستثمار الذي استغل من هذه الطبقة الطفيلية الجديدة التي اتحدت مع البرجوازيات الموجود سابقا والتي استطاعت الصمود في وجه هذا الحصار، نتيجة نفوذ المجموعة الاولى وتكيفا من المجموعة الثانية بالواقع الجديد.

بعد قدوم الرئيس بشار الاسد الى السلطة في عام 2000 بدأت طبقة الاغنياء الجدد بالبحث عن تبيض لاموالهم، فتم فتح الاسواق لتركيا وبضائعها بشكل كامل بعد فتحها لهم في عام 1995 بشكل جزئي يقتصر على المواد الغذائية، وتمت محاولة التقرب من الاتحاد الاوروبي، ورغم تشديد الولايات المتحدة العقوبات بعد اغتيال السيد رفيق الحريري، لم تتأثر سورية بسبب الشبكة الهائلة التي صنعتها الطبقة الغنية الجديدة مع دول كثيرة وخاصة دول ما كان يعرف بجمهوريات الاتحاد السوفييتي وشرق اوروبا، فكانت كل البضائع الغربية من كل المصارد تدخل سورية عن طريق هذه الدول.

اعتماد على ما ذكرته سابقا، يتضح لنا ان اي عقوبات اقتصادية على سورية او على من في السلطلة لن تشكل اي تحديا للنظام، وان الاغنياء الجدد لن يتأثروا ايضا بذلك.

هنا تأتي التساؤولات: هل التدخل الاجنبي العسكري هو الخطوة الاخرى اذا ما قرر النظام الاستمرار بخطته الامنية الدموية واصر الشعب على احتجاجاته السلمية؟ ام هناك طرق سلمية لم يختبرها الشعب السوري بعد ضد النظام، غير تلك الحشود التي تخرج من هنا وهناك بمظاهرات سلمية وتقمع فورا بشكل اجرامي؟

الشعب السوري بمعظمه لا يدعم اي تدخل اجنبي وهذا واضح من الشعب نفسه مرورا بمعظم المعارضين وانتهاء بالنظام، وهذا النقطة قد تكون من اكثر النقاط المشتركة بين الشعب والنظام، هذا يدفعنا الى السؤال الثاني ومحاولة الاجابة عنه.

لو عندنا للتاريخ وحاولنا اسقاط بعض الثورات السلمية على تحركاتنا السلمية في سورية، نجد غاندي وحركته السلمية ضد الانكليز في الهند، هذا النضال السلمي كان يعتمد مبدا اللاعنف ويستخدم من ضمن ادواته الحصار الاقتصادي، اذ كان الشعب الهندي يبيع القطن للانكليز بثمن بخس ويشتري المنتجات القطنية باضعاف ثمن هذا القطن، وهنا قرر الهنود مقاطعة المنتجات القطنية المصنعة في معامل انكلترا فكان الحصار الاقتصادي اقوى بكثير واشد ايلاما من الصورايخ والرصاص ونيران الدبابات.

لو رجعنا الآن الى الوضع السوري، وقررنا ان نستفيد من هذه التجربة لوجدنا الكثير والكثير مما نستطيع فعله في هذا المجال، لان النظام السوري هو برعاية اسرة اصبحت عصابة تجار مسلحة اكثر منها عائلة سياسية، واصبح الدولار ضمن حساباتهم بشكل كبير، ولانهم يعتمدون على الشعب السوري اولا واخيرا، فالشعب يستطيع محاصرة النظام اقتصادي ايضا، وبذلك يكون قد اطبق الخناق عليه من الخارج ومن الداخل.

ومن الافكار الجميلة في هذا المجال:
1. ان قيمة ما يحوله المغتربون الى عائلاتهم في سورية حوالى 1.4 مليار دولار سنويا اي حوالي 1.2 من ميزانية عام 2010، فإذا خفض المغتربون حوالاتهم عن طريق اقتطاع ما يذهب للكماليات، لشكل ذلك ضغط على الحكومة السورية.
2. استخدام الخطوط الارضية بدل خطوط الموبايل، وعدم استخدام الموبايل الا عند الحاجات القسوى.
3. عدم شراء ادوات كهربائية اذا كانت القديمة ما زالت تعمل او يمكن اصلاحها، وذلك لان جزء كبيرا من ثمنها هو ضرائب تذهب الى الخزينة
4. التقليل من التدخين او الاقلاع عنه، ففي حالة تدخين سجائر وطنية فانت بذلك تستهدف احدى الصناعات والزراعات الاستراتيجية  في سورية، او في حالة دخان اجنبي فانت تحرم المناطق الحرة التابعة لرامي مخلوف او المهرب الشبيح من نقودك التي  قد تستخدم في قتل اخوتك السوريين.

هناك الكثير مما نستطيع ان نفعله في حصارنا للنظام، بأن نسأل أنفسنا كل مرة نمد يدنا لجيبنا، هل نحن بحاجة لما سندفع له الآن وهل بشكل او بأخر سيذهب الى النظام الذي يستخدم ما ندفعه لقتل الناس الابرياء.


هذه دعوة الى الجميع للقيام بحصار اقتصادي على النظام السوري، لان النظام يعيش على اموال الشعب رغم حصاره الخارجي، فعلينا ان نفعل هذا الخيار الاستراتيجي السلمي، وان نخترع جميعا ونبتكر طرقا جديدة في هذا الحصار.

هناك 4 تعليقات:

  1. Great . it needs to be published to the public

    ردحذف
  2. صديقي مع أو بدون هذه الخطوات أنا أؤكد لك أن الاقتصاد السوري ,اذا استمرت الاحتجاجات و أنا لا أشك بأنها ستستمر و سننتصر باذن الله , سينهار هذا الصيف حيث يعتمد بجزء منه على السياحة و خاصة الخليجية في الصيف و على قدوم المغتربين السوريين في دول الخليج لقضاء اجازة الصيف في سوريا لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل سيؤدي ذلك الى اضعاف النظام ؟ لست متأكد و لكني اتأمل ان ذلك سيذهب بالزيادة على الرواتب ادراج الرياح و ربما يدفع ذلك البعض من الصامت أو المحايد الى الانضمام الى الانتفاضة . بالمقابل فاني اخشى أن يؤدي ذلك الى اثر عكسي بأن يتعب الناس و يستغل النظام ذلك لتجييش الناس ضد المحتجين و الناشطين؟ لا أدري و لكني متأكد من انهيار الاقتصاد هذا الصيف و أتأمل أن يكون ذلك لمصلحة كفاحنا من اجل الحرية .

    ردحذف
  3. يمكن أن نضيف:

    لا أحد يتمنى للشعب السوري سوى كل الخير، ولكن البعد الإقتصادي هو أمر لا مفر منه، خصوصا على المستوى العام

    فالثورة السورية يعني اقتصاد صعب على الجميع، وبما أن الشعب السوري يعاني أصلا من هذا الحكم الإرهابي، بالتالي الضائقة الإقتصادية ستكون على أزلام النظام بالدرجة الأولى،

    ولهذا من تداعيات الثورة على المستوى الإقتصادي، هو بدأ تذمر طبقة التجار، التي سوف تدرك في النهاية أن عليها التخلص من هذا النظام حتى تعود عجلة الإقتصاد للعمل مرة أخرى...!

    هذا يعني إنضمام قطاع مهم من المجتمع للثورة عاجلا أو آجلا... فالمصالح المالية في النهاية هي أهم من دعم هذا النظام الإرهابي السارق أصلا...!

    ردحذف
  4. الاقتصاد السوري منهمك بل أصبح مستنزف ألقي نظرة مثلاً على سوق الأسهم السورية خلال فترة الاحتجاجات تراجع المؤشر حتى 1213 نقطة تقريباً بعد أن كان قد تجاوز 1700 نقطة بداية العام، وبالفعل خلال الأسابيع الماضية قام الكثير من المساهمين الذين أعرفهم بتسييل محافظهم المالية في السوق والمصارف. وأصبحت الخزنة في المنزل أو المكتب الملاذ الآمن لآوراقهم المالية.
    واليوم 05-06 شهد تدهور شديد في البورصة بإمكانكم التأكد من مؤشر الإغلاق http://i52.tinypic.com/2jb5t0w.jpg وأيضاً موقع سوق الأوراق المالية www.dse.sy أعتقد إن تناولت وسائل الإعلام الموضوع ستزيد من الضغط على النظام لذلك يجري تعتيم شديد على الموضوع لدرجة أن بعض المستثمرين قابلوا مسؤولين وطلبوا منهم سلسلة إجراءات لدعم السوق كتعديل الحدود لـ 5% صعوداً و 3% هبوط لتشجيع الناس على الاستثمار بالإضافة لتخفيض عدد الجلسات الاسبوعية أو إغلاق السوق بشكل مؤقت لوقف الاستنزاف... وطبعاً كان الجواب: (غير ممكن لا نريد بلبلة إعلامية أي إجراء سينبه الإعلام للموضوع). وبعد أيام من اللقاء وتململ المستثمرين من الخسائر وتصريح رامي مخلوف لموقع دي بريس بأنه سيدعم صغار المستثمرين في البورصة وأن الوضع الاقتصادي جيد بعدها وبيوم 12-05 تحديداً تم دعم السوق من أيدي مجهولة وتداولات بمئات الملايين لرفع الأسعار بعد أن وصلت التداولات للحضيض وانخفضت أسعار بعض الأسهم عن قيمة الاكتتاب الأولي لها...
    لكن الإجراء كان وقتي ولم يفلح في تغيير مسار الهبوط الذي يسلكه السوق والاقتصاد بشكل عام... يرجى النشر...

    ردحذف