السبت، 25 فبراير 2012

افكار اغترابية مبعثرة

الصراحة انه لا صديق لي ابدا، كل ما املك في هذه الدنيا من علاقات لا تتجاوز حدود المكتب الذي اعمل فيه، او حدود العلاقات الاسرية التي لا توصف الا بعلاقات عن بعد.

في هذه المدينة الكبيرة، كل الناس يركضون ويلهثون خلف همومهم ومشاغلهم، بالكاد يلحظونك اذا ما كدت تصطدم بهم او يصطدموا بك، حتى انهم في تلك الحالتين لا يلحظون وجهك بتفاصيله، فقط كشبح يحيدون عنه ليكملوا طريقهم في الحياة.

الوحدة علمتني الكثير من الهويات المفيدة او حتى الغبية، فقراءة الكتب المختلفة علمية، ادبية، او حتى دينية ولا يهم اي دين بالطبع، الاستماع الى الراديو، او في اوقات نادرة مشاهدة مباريات فريق برشلونة في المقهى كوني لا املك تلفازا اصلا، ولكن في النهاية ليست هذه الهويات شغف في حد ذاتها، انما امور تبعدني عن ما قد يتحول الى ادمان او طريق مهلك غير سوي.

اكثر ما يشغل بالي هو وجبات الطعام، فالطبخ ليس جزئي المفضل، ولكن تحت ضغط الحياة وخاصة غلاء المعيشة، اصبحت اهتم بطبخ، واتخذت معلما لي، وهو السيد يوتيوب، فلقد علمني تحضير معظم وصفات المقبلات تقريبا، وطبخ الارز بالشعيرية والفاصوليا البيضاء على الطريقة الاردنية او الفلسطينية لان اليوتيوب لا يعرف طريقة امي السورية.

الغربة لم تعد هاجسا، لقد اخذت انظر اليها على انها الوطن، لم يعد يعني لي الوطن الاصلي الا ذكرى جميلة بعيدة بصور مشوشة بغباشة الزمن، حتى وطني الحالي لا اعتبره ايضا كوطن، الغربة كما قلت هي الوطن، وطن احمله بقلبي اينما ذهبت وحللت.

بعد هذه المدة الطويلة من الابحار منفردا في قارب الحياة، فكرت بان ارسوا على شاطئ امرأة ما، لاعيد قاربي الى وسط البحر مع من يساندني ويبتسم في وجهي، تذكرت فجأة ان المرأة الوحيدة التي اعرفها او بالاحرى اتكلم معها، او بالاصح التي احييها كل صباح هي مديرة احد الاقسام في شركتنا وعمرها تجاوز الخميسين بالاضافة الى كونها متزوج وام لشابين، اذا علي قبل ان افكر بالمركب والشاطىء، ان اتعلم فن الابحار وقراءة الخرائط البحرية.

كل يوم عندما اخلد الى فراشي، اقول لنفسي: "انه وقت النوم، وقد لا تستيقظ منه نتيجة تحوله الى نوم ابدي، لماذا اذا كل التفكير بما قد لا يمر عليك غدا ابدا، افترض ان لا غد سيآتي، استرخي ونم بسعادة وعمق وكانها الليلة الاخيرة".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق